من الآثار الإيجابية للثورة التونسية، قيام عدد من النشطاء من الأقلية الأمازيغية ( بربر ناطقون باللهجة الشلحة) التي تشكل نحو 1% من السكان، وللمرة الأولى علناً بإنشاء جمعية لهم لإسماع صوتهم في المجلس الوطني التأسيسي. وقد دعت “الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية”، وهي أول جمعية للثقافة الأمازيغية عرفتها تونس في تاريخها الحديث، المجلس التأسيسي المقبل الذي سيعقد أول جلساته في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، إلى الاعتراف بالوجود الأمازيغي في الدستور التونسي المقبل، وبإدراج تدريس اللغة الأمازيغية في المعاهد والمدارس على الأقل ، كلغة اختيارية في المناهج التعليمية، والطلب من الحكومة الإنتقالية التي يجري تشكيلها حالياً ، الأخذ بعين الاعتبار هذا المطلب الشرعي لشريحة هامة من المجتمع التونسي. وقال «جلول غرقي» الأمين العام للجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية في مقابلة مع وكالة (AFP) “لقد تم تهميشنا واستبعادنا لفترة طويلة وحان الوقت لإعادة إحياء تراثنا بوصفنا مكونا هاما للمجتمع”. كما حرص الأمين العام للجمعية على نفي أي نوايا انفصالية لأمازيغ تونس الذين يبلغ عددهم أقل من 100 ألف من مجموع أكثر من عشرة ملايين تونسي، قائلا: “ليست لدينا أي مخططات انفصالية بعكس الاتهامات التي توجه إلينا منذ أمد بعيد”. وينحدر معظم سكان البلاد التونسية من أصول أمازيغية، حسب ما ورد في آخر دراسة اجتماعية أقيمت في تونس أواخر سنة 2009 أكدت أن نسبة التوانسة من أصل أمازيغي لا يقل عن ال 60% من مجمل سكان البلاد. ويؤكد “حتى وإن كنا ننوي تشكيل حزب فإنه ليست لدينا أية أفكار انفصالية، نحن نعتبر تونس واحدة من برج الخضراء (أقصى الجنوب) إلى بنزرت (أقصى الشمال)” مضيفاً “نحن لا ننفي عروبة تونس لكننا السكان الأوائل لهذه البلاد ونملك حق الأرض للتصدي لتهميشنا”.ويذكر هنا أن القانون التونسي يمنع تكوين الأحزاب على أساس ديني أو عرقي أو مناطقي. وكان عدد من النشطاء الأمازيغ قد أطلقوا منذ أشهر ، حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي “الفايس بوك” و”تويتر” ، من أجل إدراج فقرتين في الدستور الجديد: الفقرة الأولى تنص على أن تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها. أما الفقرة الثانية فتطالب أن تعترف الدولة التونسية بالثقافة واللغة الأمازيغية كمكون للهوية الوطنية وتعمل على تنميتهما. ودعوا صنّاع القرار “إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية كاملة وذلك بالعمل على ضمان إدراج الفقرتين بالدستور الجديد للبلاد التونسية ، حتى تكون تونس المستقبل ما بعد الثورة ديمقراطية بحق ، يطيب فيها العيش لجميع التونسيين دون إقصاء أو تهميش”. هذا وقد تم الاعتراف بالجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية في 30 تموز/يوليو 2011 بعد 34 عاما من تأسيس خلية سرية لحماية الثقافة الأمازيغية في “تمزرط” القرية التي تعد 620 ساكناً في الجنوب الشرقي التونسي. وقد استقبلت هذه القرية في آب/أغسطس الماضي نحو عشرة آلاف شخص قدموا من تونس ومن خارجها في مهرجان للثقافة الأمازيغية. تقدر مصادر عديدة نسبة الأمازيغ في المغرب بنحو 40% وفي الجزائر بنحو 35% وفي ليبيا بنحو 10% وفي تونس بنحو 1%. وقد شاركت الجمعية في المؤتمر العالمي للأمازيغ الذي نظمَ جمعيته السنوية في “جربة” في تشرين الأول/أكتوبر. وعن هذا المؤتمر قال «غرقي» ”إن المؤتمر العالمي للأمازيع هو نقابتنا الكبيرة، ومقره في فرنسا هذا البلد الذي دعم باستمرار حركات الأمازيغ”. الأمازيغ | تونس | حقوق الإنسان