ابن الصحراء، وونيس ضباب لندن، وأنيس الصحافة، استأنس بالمعرفة باكراً في الغربة، ولامس بذكائه سقف المسؤولية في بريطانيا، يقطر أدباً، وينضح إعلاماً، إنه الصحفي، والكاتب، ورئيس التحرير المساعد لصحيفة الحياة اللندنية جميل الذيابي. يخال إليك وأنت تقابله أنك أمام تركيبة خاصة من الهدوء الممزوج بالعناوين تماماً كعشقه لكتابة القصة الصحفية في عقر اللندنيين ببصمات صحفي من طراز خاص لإيمانه بأن الاحتراف، والمهنية السر الوحيد الذي سيقاوم عاصفة الإعلام الجديد ليبقي للصحف الورقية نكهة خاصة، ويجعلها كتباً مصغرة في أيدي القراء. بملامحه السعودية الممزوجة بدافعية الشباب، وبملامح الغربة، وطموح الاغتراب يطلُّ الذيابي في أيِّ مناسبة يفاخر بالهوية، ويتفاخر بالمهنة أيَّاً كانت اتجاهاتها، وبأناقته المرتبة، و»الكاريزما» المتشعبة بالفكر، وبلكنته الجريئة، ولهجته الواضحة التي تتأصل في العربية الفصحى كثيراً، وتفلت من بينها مصطلحات إنجليزية محضة بحكم الدراسة، والعمل، والتحدث كثيراً، يلفت انتباهك، ويستدعي صمتك، ويأسرك بالحديث، والتعامل بالمعنى، والنتيجة معاً. اعترف الذيابي منذ شبابه بأن للعلا مهراً، وأن للإنجاز ضريبة سهر، فكان يقضي جل وقته في القراءة بنهم، والتسلح بهمة الباحث عن الذات في تفاصيل النجاح، في صقيع لندن، وضبابها. ووسط «الهايد بارك» كان الذيابي يستذكر نظريات الدبلوماسية، ويتذكر وطنه، وأسرته، وملامح طفولته، وأمنيات الدراسة. وظل الذيابي ينافس أبعاده الشخصية، ويتنافس مع متطلبات المستقبل، فنال «ماجستير» من نوع خاص في الدبلوماسية والإعلام من بريطانيا، فقرن الاستشراف بالاحتراف، ومزج الذكاء بسلطة القلم، وبيان اللسان. يمتاز الذيابي بغروره المعرفي، وتواضعه الشخصي، درس العلاقات الدولية رامياً في كفة مستقبله ثقلاً جديداً للإبداع، وسار في طريق ذهبي، حيث تحصّل على دورات إعلامية متخصصة في مؤسسات إعلامية عربية، وعالمية متخصصة. حقيبة الذيابي مهيبة، مليئة بشهادات الاعتزاز الذاتية، وبوثائق الاختصاص، تسبقه سيرته أينما حل، وتعقبه مسيرته أينما ارتحل، فالذيابي يصنع الفرق، ويؤسس للفارق في كل محفل يحضره إعلامياً، أو صحفياً، أو مسؤولاً، بتفاصيل صاحب الفكر، وتفصيلات عاشق المعرفة. عمل الذيابي في صحيفة الرياض عامين، ثم انتقل للعمل في «الشرق الأوسط» بلندن، تولى بعدها إدارة مكتب «Lbc» في السعودية، ثم خطبت سيرته الحياة اللندنية، فعيِّن مسؤولاً للتحرير في جدة، وممثلاً للمدير الإقليمي من عام 2002 حتى 2005، وأشرف على «الحياة» في السعودية، والخليج منذ العام 2003، وبقراءة مستقبلية، واستشراف للواقع، أسس الذيابي مشروع الطبعات السعودية للحياة اللندنية، وكان، ولا يزال، وسيظل من أهم المشاريع التي أسس، وخطط لها في الصحافة المكتوبة، وساهمت في ارتباط الصحيفة كثيراً بالأحداث المحلية، وقراءة المشهد السعودي بكافة تفصيلاته، ووصول الحياة إلى قلوب، وعقول القراء في كل أنحاء الوطن. وتولى الذيابي منصب المدير العام لتحرير الحياة في السعودية، والخليج بداية من عام 2004 حتى 2010، وهو عضو مجلس إدارة في دار الحياة، وعضو مجلس هيئة الصحفيين من 2008 حتى 2010، ونقابة الصحافيين البريطانيين، ويشغل حالياً منصب رئيس التحرير المساعد للحياة اللندنية. الذيابي كاتب سياسي من طراز خاص، يكتب بذكاء، ويعنون بدهاء، ويقرأ الأحداث، والشؤون السياسية بلغة خاصة، ويطل على قرّاءه في مقاله الشهير «جدار الماء» في الحياة. وكان القراء على مواعيد سابقة في أعوام مضت مع عديد من مقالات الذيابي ذات الصبغة السياسية الاستقرائية الفريدة، وله مؤلفان يحملان في طياتهما أفكاراً عميقة متخصصة، وهما الإعلام الخليجي بين الحرية والرقابة، ومؤلف سياسي بعنوان إيران ورقصة السرطان. الذيابي وجبة دسمة، وهدف مميز، وعنوان محبب، وشخصية مفضلة، ونقطة تحوُّل للقنوات الفضائية في متابعة، وقراءة، واستشراف، ودراسة، وتحليل المشاهد، والأحداث، والقضايا التي تتخذ منهجَي السياسة، والصحافة، اللتين يبرز ويبدع فيهما بكفاءة، ويتقدم على عديد من أقرانه، ويتفوق على كثير ممّن سبقوه في ذلك. وقدم الذيابي في عدة مؤتمرات، ومنتديات، ومناسبات، محاضرات، وكلمات كانت بمنزلة مناهج خرجت من عقل مبدع، وسُجِّلت ببصمات مفكر، وتوصيات إعلامي من طراز نادر، فشارك في الوطن، وخارجه ممثلاً، وضيفاً، ومتحدثاً، ورئيس جلسة، وخبيراً، ومسؤولاً، ومشاركاً، وعضو لجنة تحكيم، وصاحب رأي، وقائلاً بالمعنى، ومغرداً بالواقع، فكان علامة فارقة في كل مشاركاته. نقل الذيابي «الحياة»، وحوَّلها من صحيفة دولية إلى معشوقة للقراء، مشوِّقة للاستقراء. صحيفة صباحية تتباهى بصفحتها الأولى، ومجلة مسائية تحتفل بإبداعات ملاحقها المتخصصة، وبمنهجها الاحترافي للباحث عن ضالة الحرف، والمطارد لأصالة الكلمة، والملاحق للقصة الواقعية. للذيابي أفكاره، ورؤيته الخاصة الخالصة لهموم، وقضايا بلاده، ودائماً ما يجعلها عنواناً في محطات سفره، وسطراً أوّل في دراساته، وأبحاثه، وتوصية أولى في أبعاده العملية، والمستقبلية. الذيابي صاحب شأن سياسي، وهمٍّ وطني، وبُعد معرفي في آنٍ واحد، أسس لنفسه مساراً خاصاً من العمل، تبرمجه النجاحات، ورسم في مخيلة متابعيه أنه صحفي بارز، بوجه واحد، ورمزية معرفية متعددة. وضع المختلفين معه في الفكر أمام ساحة من الاحترام، واستراحة من النقاش. ظل الذيابي كثيراً يحصد نتيجة الفوز فيها. خلق للمتعاملين معه في عمله بيئة فريدة، يعلوها التواضع، ويشيع فيها روح الفريق الواحد، وتتسم بها معاني النجاح، والعزف على أوتار التميز.