استبعد رئيس حركة النهضة في تونس، راشد الغنوشي، أن يشن حزب نداء تونس الذي تصدَّر الانتخابات البرلمانية الأخيرة حملة تصفية تستهدف إبعاد النهضاويين وحلفائهم من المؤسسات الحكومية. وأقرَّ الغنوشي، في مقابلة صحفية أمس، بأن احتمال التصفية يبقى قائماً من الناحية النظرية لكنه استدرك «نستبعد حدوثه في الواقع لأنه لا أحد يملك أن يعيد تونس إلى الوراء بعد ثورة قامت ضد الاستبداد»، وقبل يومين من إجراء التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لاحظ الغنوشي «75 عاماً» أن أغلب أعضاء حزبه صوَّتوا في الجولة الأولى للمنصف المرزوقي رغم أن الحزب أعلن الحياد، مرجعاً ذلك إلى ما سمَّاه الخطاب المستفز لحزب نداء تونس الذي يرشح زعيمه الباجي قائد السبسي في الرئاسيات. وقال «جاء خطاب نداء تونس للنهضاويين مستفزاً مليئاً بالتخويف والتهديد.. وبالتالي ليس من المتوقع أو الطبيعي أن يصوِّتوا لمرشحه إلا إذا غيَّر خطابه». في السياق ذاته، تعهَّد زعيم «النهضة» بأن تمارس حركته معارضة مسؤولة وليست فوضوية أو احتجاجية أو عدمية. وأضاف «لن نراهن على فشل الحكومة كما تعاملت المعارضة معنا سابقاً حين كنا نحن في السلطة.. سنعمل على إنجاح التجربة من أي موقع نكون به سواءً مشاركين في الحكومة أو خارجها»، معتبراً حركته جزءً من الحكم أياً كان موقعها «فلو كنا خارج الحكومة سنكون التيار الرئيس في المعارضة، ونحن ثاني أكبر حزب في البلاد لذا فإننا نتحمل مسؤولية كبيرة في إنجاح التجربة الديمقراطية». ورداً على ما أثير عن عقد صفقة سرية تقضي بدعم «النهضة» السبسي في الجولة الرئاسية الثانية، نفى الغنوشي ما تردد عن ذلك وفسَّر استقالة الأمين العام السابق لحركته، حمادي الجبالي، بقوله إن «تطورات كثيرة حدثت على مدار العام ونصف العام الماضيين نقلت البلاد من مرحلة الصراع مع ما يعرف بالنظام القديم إلى مرحلة جديدة تتسم بالحوار والتوافق مع هذا النظام». وتابع «هذه التطورات لم يكن هضمها سهلاً لدى بعضهم، وبالتالي ظل متمسكاً بالخيار الثوري بمعنى استمرارية الصراع مع ذلك النظام القديم بهدف طي صفحته تماماً». ولم ينكر الغنوشي الحديث المتردد من بعضهم ومفاده أن طرح النهضة ودعوتها المتكررة لحكومة وحدة وطنية أو لحكومة ائتلاف موسع هو محاولة منها للتمسك والبقاء بالسلطة بأي طريقة، وقال «من حق أي حزب أن يسعى إلى الحكم وإلا لماذا تنشأ الأحزاب؟». وتابع «ولكن لا يمكنني القبول بما يردده بعضهم بأننا في النهضة رفضنا حكومة الوحدة الوطنية عندما فزنا بالأغلبية عقب الانتخابات الماضية عام 2011 واليوم نقبل بها بعد أن صرنا الحزب الثاني، فهذا الحديث غير صحيح، لأننا عقب فوزنا بالأغلبية عام 2011 كان من الممكن أن نشكل حكومة نهضاوية عبر اجتذاب بعض المستقلين في البرلمان لكننا رفضنا ذلك ودعونا الجميع للمشاركة معنا وهناك من استجاب وهناك من رفض وفضَّل البقاء في صفوف المعارضة».