تواصل قوات البشمركة الكردية عمليتها «الأكبر» ضد «داعش» في شمال العراق بدعمٍ من طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن. ونجحت القوات الكردية في فك حصار التنظيم الإرهابي لجبل سنجار، وهي تحاول منذ يوم أمس تأمين محيط الجبل حيث توجد مئات العائلات اليزيدية التي حوصرت لأشهر من قِبَل التنظيم. وحَظِيَت هذه العملية بتمهيد جوي مكثف منذ الإثنين الماضي من قِبَل التحالف الدولي بواقع أكثر من 50 غارة. في الوقت نفسه، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، الأميرال جون كيربي، مقتل عددٍ من كبار قادة «داعش». وقال كيربي ليل الخميس «أستطيع أن أؤكد أنه منذ منتصف نوفمبر الماضي، نجحت ضربات هادفة نفَّذها التحالف في قتل عددٍ من كبار القادة ومسؤولين من مستوى أدنى في التنظيم». وفي حين لم يحدد المتحدث هوية هؤلاء القادة، قال مسؤول أمريكي آخر رفض كشف اسمه إن أبرزهم هو «حجي معتز» وهو العراقي فاضل أحمد عبدالله الحيالي الذي يُعرَف أيضاً باسم «أبو مسلم التركماني» وهو نائب لزعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، ويشرف على عملياته في العراق. وبحسب كيربي، فإن «خسارة هؤلاء القادة المهمين ستؤثر على قدرة التنظيم على قيادة وتوجيه عملياته الحالية ضد قوات الأمن العراقية بما فيها القوات الكردية وغيرها من القوات المحلية». من جانبه، أكد مستشار مجلس الأمن القومي الكردي، مسرور بارزاني، استعادة البشمركة نحو 700 كلم مربع من الأراضي التي كانت تحت يد تنظيم «داعش». وقال بارزاني إن «قوات البشمركة وصلت إلى جبل سنجار وتم رفع الحصار عنه». وشارك في تحرير الجبل 8 آلاف عنصر كردي ما يمثل «أكبر هجوم عسكري ضد تنظيم الدولة والأكثر نجاحاً»، بحسب بيان مجلس الأمن القومي الكردي. وكان التنظيم المتطرف شن في أغسطس الماضي هجوماً على منطقة سنجار، موطن الأقلية اليزيدية، شهد قتل المئات من أبنائها وسبي نساء وفتيات. ودفع الهجوم مئات العائلات للجوء إلى الجبل، حيث بَقِيَت عالقة هناك. وتمكن مقاتلون أكراد، غالبيتهم سوريون، من فك الحصار عن الجبل وإجلاء الآلاف من المحتجزين. إلا أن التنظيم الإرهابي عاود في الأسابيع الأخيرة حصار الجبل الذي يدافع عنه مقاتلون من البشمركة ومتطوعون يزيديون؛ قبل أن تباغته العملية الأخيرة للبشمركة. وقال فيصل صالح، أحد اليزيديين الموجودين على الجبل، في اتصال هاتفي إن «القوات الكردية استطاعت تحرير 70% من المناطق المحيطة بجبل سنجار، لكن الجانب الجنوبي من قضاء سنجار ما زال في يد داعش». وذكر صالح أن قوات البشمركة «تقوم حالياً بتقديم المساعدة لبعض الأهالي الذين يحتاجون إلى المساعدة تمهيداً لنقلهم إلى إقليم كردستان». بدوره، أفاد خلف شمو، أحد المقاتلين اليزيديين في الجبل، أن «مسلحي داعش يقومون منذ صباح الجمعة بتفجير منازل اليزيديين في مجمعي سنوني وخان سور إلى الشمال من جبل سنجار». وشكلت المعاناة التي تعرض لها اليزيديون أحد الأسباب المعلنة التي دفعت الولاياتالمتحدة إلى تشكيل تحالف دولي لمحاربة التنظيم المتطرف. وبدأ التحالف في أغسطس توجيه ضربات جوية ضد التنظيم في العراق، وتوسَّعت في سبتمبر لتشمل مناطق وجوده في سوريا. وبعد فك الحصار عن جبل سنجار، تقدمت القوات الكردية باتجاه مدينة تلعفر في شمال العراق التي تضم خليطاً سكانياً من الشيعة والتركمان وعدداً كبيراً من النازحين من مناطق في شمال العراق. وأوضح قاطنون في المدينة أن «الفرقة الذهبية»، وهي إحدى الوحدات الخاصة في الجيش العراقي، تشارك في المعارك ضد «داعش». وقال أحد السكان الذي قدم نفسه باسم أبو حسين «تدور اشتباكات متقطعة وعمليات قصف منذ مساء الخميس بين قوات من البشمركة والفرقة الذهبية من جهة ومسلحي داعش من جهة أخرى». وأضاف هذا الشاب البالغ من العمر 26 عاماً «ما زلنا نسمع أصوات اشتباكات وانفجارات متكررة، أنا أقيم في منطقة الكسك، في شمال تلعفر، وأرى عدداً كبيراً من عناصر داعش يهربون من المنطقة». وكان بيان القيادة الأمريكية للتحالف أعلن الخميس أن غارتين من أصل خمس شنتها المقاتلات في العراق استهدفت محيط تلعفر.