يشكل تداخل الأجناس الأدبية صدمة للمتلقي الذي لم يعتد على مثل هذا الأسلوب الكتابي الذي اختاره المبدع، حيث إن هذه التقنية تسعى إلى صياغة النصوص وفق منهج حداثي يتبنى -بدرجة كبيرة- كسر جمود النص وقولبة تلك القوانين الصارمة والرتيبة التي طالما اعتادها المتلقي. وهذا النوع من الكتابة يحتاج إلى مهارة على مستوى الشكل والمضمون، لإيجاد نص مختلف يتشكل في منظومة استثنائية لا تنضوي تحت مظلة جنس واحد، بل تضم رصيداً من كل الأجناس الأدبية والإبداعية الأخرى، كالرواية وتداخلها مع أيقونات المسرح والسينما والدراما، وتداخل القصة القصيرة مع القصيدة أو مع الفن التشكيلي، بمعنى أن مثل هذا النص سيكون هجيناً متبرئاً من المسمى الأدبي الأحادي، ليكون أكثر تحرراً وأكثر انفتاحاً على الضفة الأخرى من الكتابة الأدبية. هناك اتهام واضح من قِبل النقاد حول هذا النوع من الكتابة يتمثل في حالة الفوضى التي من الممكن أن يتركها هذا النوع على الأدب؛ حيث البنية الدلالية قد تكاد مغيبة، ونمط الكتابة فيه لا يستوعب اندماج كل هذه الأجناس، وبالتالي فإنه سيكون نصاً مرتبكاً وغامضاً إلى حد ما. والكاتب الواعي يدرك تماماً أن هذا النص الهجين لا ينساق إلى هيمنة جنس دون آخر، بل يسعى إلى تطويع لغته لتشمل أكبر قدر من تلك الأجناس الإبداعية. ونحن إزاء متلقٍّ أنموذجي ومتيقظ لهذا الفن الإبداعي، يعي الخصوصية التي من أجلها يمكن أن يصل الكاتب إلى نص إبداعي مفتوح، وأن يسهم في إبعاد حالة التوجس التي تعتريه -أي ذلك المتلقي- باعتبار أن هوية مثل هذه النصوص مائعة لدى شريحة أخرى من القراء، لكنها حتماً تنهض بالمتلقي إلى فكر ناضج وتعددي.