مع تغير الحياة وتطورها أصبحت المنازل أشبه بالقصور المصغرة، وتضخمت المعيشة فلم تعد تلك الضيافة بشكلها البسيط ولا الأواني أوانيَ للخدمة، بل كل ما فيها يعبر عن فخامة وذوق لا متناهٍ، وبذلك حققنا المثل القائل (العين تأكل قبل الفم أحياناً). ورغم أن استحداث الجمال لكل شيء حولنا يُشعرنا بالسعادة إلا أن النفس تشتاق للبساطة والبعد عن التكلف، ولم يعد طعام الواحد يكفي اثنين، ولا طعام الاثنين يكفي الواحد، وكأن كثرة الطعام هي رمز للكرم، وما الكرم بتلك الطريقة ولا الهوس والتفاني في خدمة الضيوف دليل على تقدير الضيف. هذا في عالم النساء، وما عالم الرجال بأقل منه عند بعض القبائل والعشائر والأسر والعائلات، ليصل بهم الأمر إلى المبالغة في الذبائح والرفود والهدايا، ويبقى المساكين ينظرون بطرف خفي حتى باتت المناسبات بينهم كالمبارزة في حرب لابد أن نظفر بعدها غالبين لا مغلوبين، وكأن زمن البساطة ولى مُدبراً عنّا ولم نعد نشعر بأريحية المكان ولا الزمان الذي أصبح لحضور المناسبة في وقت معلوم من أجل البريستيج واعتبارها هيبة للذات من الضروريات المقنعة. ومع أننا نغالط أنفسنا ونساير الركب فيما يفعلون وفيما يتباهون به، إلا أن كل نفس تشتاق لبساطة المكان والضيافة والبعد عن الرسمية والتكلف. ويبقى البساط أحمدي