الاهتمام بالأمور الاجتماعية من أهم ما يجب أن يتطرق له الإعلاميون والكتاب في كتاباتهم في وسائل الإعلام المختلفة، حتى يستفيد منها جميع المشاهدين والمستمعين والقراء، خاصة في هذا الزمن، زمن الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي التي يُنشر عبرها الغث والسمين، واختلط الحابل فيها بالنابل وتفككت الأسر وابتعد الأقارب بعضهم عن بعض، بسبب أمور عصرية وقد تكون تافهة وبدايتها سخيفة، لا توجب هذا الخلاف والاختلاف والتناحر والتباعد، وقد تكون الأسباب في اختلاف على ميراث أو زواج غير موفق أو مشيخة قبيلة وغير ذلك كثير، وفي الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَر مِنْهَا اخْتَلَفَ» رواه مسلم. ودون شك أن اجتماع الأهل والأقارب والأصدقاء وأبناء العمومة في حفلات العيد أو الزواج لها الأثر البالغ في الترابط الأسري والألفة والمحبة بين الأقارب وأبناء العمومة إذا استثمرت فيما يفيد، أضف إلى ذلك أن فيها صلة للرحم التي أمرنا بها ديننا الإسلامي الحنيف. وصلة الرحم من أخلاق الإسلام العالية، وهى تعني الحنان والرقة والإحسان، ولأهميتها اشتق الله اسمها من اسمه الرحمن، ولها منزلة كبيرة فى ميزان الإسلام إذ قرنها بالتقوى. قال تعالى (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام). إن صلة الرحم هي دليل على الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه)، وكذلك لها أثرها في زيادة الرزق وبركة العمر وحسن الخاتمة. قال صلى الله عليه وسلم (من سره أن يمد له فى عمره ويوسع له في رزقه ويرفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه). لن أتطرق في هذا المقال إلى رياح التغيير التي هبت علينا وقلبت أحوالنا رأسا على عقب بسبب المدنية من تكاليف باهظة ورسميات. وقد لا تختلف الأفراح عن الأتراح لدينا على نفس النمط، وما يقدم في الأفراح يقدم في الأتراح. وإنني أرى أن يغتنم الأقارب الحفلات الاجتماعية لتوثيق عرى المحبة والألفة، وأن يلبوا الدعوة ويأتوا إلى الحفلة قبل وقت كاف حتى يلتقي الأهل والأقارب والأرحام والجيران والأصدقاء في تكافل اجتماعي أخوي، يعزز ترابط الأسر والأقارب، لأننا نفتقر إلى هذه الاجتماعات في مثل هذه الأفراح. أما ما نراه في الأفراح في هذه الأيام، من حضور متأخر جدا وذلك عندما تعد مأدبة العشاء وخروج بعد ذلك، وربما كثيرون يحضرون الحفل ولا يقابل بعضهم بعضا حتى وإن كان غيابهم عن بعض مدة طويلة وهم أقرباء، بهذه الطريقة تفتقد هذه الحفلات أهميتها وهدفها.