كشف الرئيس السابق لأرامكو السعودية وكبير الإداريين التنفيذيين فيها عبدالله بن صالح بن جمعة أن سر نجاح أرامكو هو الثقافة العامة التي تحكمها، ولأن خلفيتها مهنية، فإن النظام الذي بنيت عليه يعد أحد أهم أسباب نجاحها وتطورها، مبيناً أن إستراتيجية إخراج «المارد من القمقم»، بمعنى إطلاق الطاقة العقلية الجبارة، التي وهبها الله للإنسان، هي العلامة الفارقة والإضافة الحقيقية التي أحدثها في الشركة أثناء فترة رئاسته لها. جاء ذلك خلال ورشة العمل السنوية، التي أقيمت صباح أمس الخميس والتي تنظمها غرفة الأحساء وتستضيف أبرز القيادات الإدارية في المملكة لعرض خلاصة تجاربهم الإدارية والعملية، وذلك بقاعة المرجان في فندق أنتركونتننتال الأحساء، بحضور رئيس الغرفة صالح العفالق وعدد من المسؤولين ومديري الدوائر والجهات الحكومية والقطاع الخاص في الأحساء. واستعرض جمعة خلال الورشة تجربته الإدارية، مبيناً أن أكبر تحد واجهه عندما تولى رئاسة الشركة وهو أول شخص غير مهندس يرأس أرامكو، كان بناء فريق عمل ذكي ومنسجم وممتاز يضع كل تركيزه وأهدافه نحو أولويات الشركة، وأن يعمل بروح الفريق الواحد، وكذلك استحداث آليات سلسة لتوصيل الأفكار من القيادة إلى العاملين في الخطوط الأمامية في الشركة حتى يطبقوها ويؤمنوا بها، مشيراً إلى تطوير نظام متقدم لإدارة الأفكار وتشجيع الموظفين لتقديم المبادرات والأفكار، التي يمكن أن تحسن الأداء، أو توضح الأخطاء، وتساعد في العمل بطريقة أكثر كفاءة، أو تقلل النفقات أو تسهم في زيادة الأرباح. وعرض جمعة بعض محطات تجربته الدراسية والعملية. وتوقف جمعة عند مفاتيح إدارة شركة أرامكو العملاقة، ورصد ملامح التشابه والاختلاف بين إدارة أكبر شركة منتجة للبترول في العالم، وبين أي شركة أخرى، كاشفاً عن آليات اتخاذ القرار في أرامكو، وكيفية مواجهتها للمشكلات التي تعترض عملها، وطبيعة التعامل مع التقلبات في صناعة وتجارة الطاقة وأساليب إدارة الأطياف المتنوعة والمختلفة من الموظفين والعاملين فيها من خبراء وباحثين ومهندسين وموظفين وعمالة، عبر مراحل متعددة لإنتاج النفط والغاز والتكرير والتسويق، مشدداً على أهمية الوضوح والمرونة في علاقات العمل. وأشار إلى أن تجربته في أرامكو السعودية كشفت له أن نجاح المؤسسات الكبيرة رهن بوجود نظام إداري قوي وأهداف محددة وواضحة، مبيناً أن الشركة حددت عشر قيم عمل خلال عمرها هي: الامتياز في الأداء، وتطوير العاملين، والعدل والنزاهة، والعمل بروح الفريق، والمحافظة على السلامة، والتجاوب، والحفاظ على الموارد، إضافة إلى الثقة، وتحمل المسؤولية، والمواطنة. وقال جمعة إنه من الصعب عليه فصل تجربته العملية في الشركة، عن تجربته الشخصية، حتى بعد مرحلة رئاسته لها، إذ تظل «أرامكو السعودية» ومستقبلها في عقله وقلبه، متمنياً أن يراها تتقدم في شكل أفضل، مؤكداً أن الطاقات البشرية الحديثة الموجودة فيها تقوم بدورها، وبالتدريب والتطوير ستحقق مزيداً من الإنجازات الهائلة في المستقبل، التي قد لا يمكن تصورها الآن. من جهته، أكد صالح العفالق ثراء وتنوع خبراته وتجارب الضيف في المجال الإداري والصناعي والاستشاري بالإضافة إلى مجالات العمل الوطني والمجتمعي والكتابة والإبداع، موضحاً أن خبرات وتجارب الضيف الكريم يجب رصدها وتوثيقها من أجل تسخيرها للمصلحة العامة ودفع عملية التنمية، وأشار إلى أن عبدالله بن جمعة صنع تجربة علمية وعملية فريدة تتسابق عليها المراكز والمؤسسات محلياً ودولياً للاستفادة منها وعرضها على الجيل الجديد حتى تصبح لهم قدوة في مسيرة حياتهم العلمية والعملية، مبيناً أنه قضى أكثر من أربعين عاماً في أرامكو منها نحو 14 عاماً شهدت انطلاقتها لآفاق واسعة في النجاح والتميز.