حملت أحلامها وحيدة، تساقط كثير منها كما تساقطت أوراق عمرها، ظهر عمق احتياجها أمام كيانها المهمل، انهار صمودها أمام كل ذلك الألم، كيف لها أن تمسح كل تلك الأحزان من ذاكرتها، كيف لقلبها أن يؤمن بتلاشي الألم عندما تفتح ستار الأمل، كيف تطرد كل تلك الكوابيس مع بقايا النوم الذي قرر الرحيل، كيف تجبر ذلك الليل على الهروب أمام هيبة الضياء، وهل تستطيع أن تحمل ما سقط منها من الأحلام، وإكمال الطريق من جديد..! نعم هنا في مجتمعي أنثى متزوجة لم تغادر بيت الزوجية باقية في «مملكتها الخاصة» بل هو «جحيمها الخاص»، لكنها غادرت مسمى متزوجة غادرته لمسمى أجبرها على البقاء في الظلام، هي «منفصلة» خلف ذلك المسمى، فقدت كافة حقوقها كزوجة، هي مهمشة ومتضررة نفسياً، فاقدة للثقة بشريك حياتها، وبعائلتها، وبمجتمعها، فقدت الحياة بصمت «سلبت الحياة» لتحافظ على المظهر الاجتماعي، لتحافظ على مسمى متزوجة خوفاً من مسمى «مطلقة»، ولتحافظ على كرامتها وكرامة أسرتها أمام الآخرين بينما هي تعيش أقسى أنواع الانكسار، والخذلان، والإهانة… هنا في مجتمعي تهدى الأنثى هذا اللقب «مكافأة لنهاية الخدمة» ولا يعاب الرجل في هذا التصرف من يعاب هي تلك الأنثى.. فهي دائماً الملامة وهي الوحيدة من يشهر أمامها كل أسلحة الانتقاد فهي ناقصة «عقل» و»دين».. موجع أن تبقى تلك الظاهرة في الظلام دون أن يتحدث عنها المجتمع، دون أن نواجه ودون أن نكسر حواجز الصمت، وأن نصل لحدود الصراحة بأن تلك الظاهرة موجودة لكننا مجتمع ندعي المثالية دائماً، نخشى أن نواجه واقعنا ونقف خلف حدود الانتقاد لأنفسنا، كثيرون في مجتمعي من يهملون دورهم في مواجهة سلبيات من صنع تقاليدنا. أمام التقاليد كثيرون يمثلون دور المشاهدين تاركين تلك الأنثى بكل الأضرار النفسية الواقعة عليها متجاهلين كل ألم لحق بها وكل انكسار وصلت إليه بعد سنوات طويلة من عمرها، إلى من تلجأ ومن ينصفها في مجتمع يراها دائماً لا تستحق أن تحيا من أجلها، فهي مجبرة أن تعيش للآخرين ولأجلهم فقط!.