منذ عقود من الزمن ومشكلة سيارات الإسعاف لم تُحَل… فأنت عندما تقود مركبتك في شوارعنا تسمع صوت الإسعاف يصيح خلفك أو أمامك أو جوارك، ومع ذلك لا يستفزُّ مشاعرك هذا الصوت ولا يستثير فيك النخوة للتحرك وفتح الطريق لأنك تعودت على ذلك وتعودت على أنه أمرٌ طبيعي ومألوف لأنه لو فتحت أنت له الطريق فلن يفتح له الآخرون. والحقيقة أننا بذلك نعيش أزمة قانونية ونظامية وإنسانية مع أنفسنا طالما أن ذلك أصبح شيئاً عادياً في حياتنا، ونحزن عندما نسافر خارج بلادنا ونسمع صوت سيارة الإسعاف ونرى كل الناس يفسحون لها الطريق.. كلهم يقفون بمركباتهم على جانب الطريق أو فوق كتف الطريق ويسمحون للإسعاف بالمرور، وهذه ثقافة نظام وأخلاق أمة ونحن كمسلمين أولى من غيرنا بالأخلاق الحسنة والالتزام بالنظام. ومشكلة مرور سيارات الإسعاف كانت نتيجة سوء تخطيط في الطرق وعدم قدرة عقل المخطِّط على الارتقاء بنفسه إلى عقول مخططي الأمم المتحضرة وكذلك ضعف الثقافة المرورية لدى السائقين ومسؤولي المرور الاستراتيجيين وعدم قدرتهم على تأسيس أنظمة ممكنة التطبيق ونشر ثقافة مجتمعية تتحمل مسؤوليتها الإنسانية تجاه الآخرين. والمؤسف جداً تعاقب أجيال من المسؤولين في المراكز العليا في المرور والأمانات والصحة، ومع ذلك بقيت مشكلة مسار الإسعاف كُرة تكبر وتتدحرج من جيل إلى جيل دون أن تجد حلاً، ومن وجهة نظري المتواضعة يجب أن يقف هؤلاء المسؤولين أمام مسؤولياتهم الإنسانية والمجتمعية وأن ينظروا لهذه المشكلة بشكل جِدِّي وأن توضع لها حلول ممكنة التطبيق وليس كلاماً إنشائياً لنقل المشكلة للجيل الذي يأتي بعدهم. لذا، أقترح تكوين لجنة عليا من أمين المنطقة نفسه، ومدير عام المرور في المنطقة، ومدير عام الشؤون الصحية في المنطقة، ومدير عام الهلال الأحمر، وشركة أرامكو، وشركة سابك، وتكون مهمة هذه اللجنة: - وضع حل سريع قصير الأمد لهذه المشكلة في الوقت الراهن حيث إن الوضع حالياً لا يحتمل، فهناك أرواح تزهق في الطريق قبل الوصول للمستشفيات، وهناك أرواح ترحل قبل وصول الإسعاف إليها والوضع غير قابل للسكوت أو التغاضي عنه، فهذه أرواح بشر مثلنا ومن حقهم علينا المساعدة على إنقاذ حياتهم. - وضع حل طويل الأمد يشمل توسعة الطرق القائمة إما بإلغاء الجزر في بعض الطرق أو بتثمين بعض العقارات ونزع ملكيتها في طرق أخرى وتوسعتها. - وضع خطة حضارية استراتيجية تشمل إعادة تخطيط الطرق القائمة وأخذ ذلك في الاعتبار للطرق الجديدة ونشر الثقافة المرورية وتطبيق الجزاءات بحزم. - إدخال خدمة الإسعاف بالطيران العمودي داخل المدن بشكل عاجل لحين تغيير وضع الشوارع والطرق القائمة. أتمنى من إمارة المنطقة الشرقية و أن تتبنى الأمر وأن تشكل لجنة عليا لدراسة هذه المشكلة التي تؤلمنا جميعاً ونحن نرى سيارات الإسعاف تقف في طابور طويل من أرتال السيارات، وهي إما بداخلها مريض يئن أو ذاهبة إلى جريح شارف على الموت.