أن تمر بتجربة الانتقال بمركبتك على طريق الجبيلالظهران، متوجهاً إلى الظهران، ولاسيما في ساعات الصباح، فأنت كمن وضع نفسه بين طرفي كمّاشة، أو وقع بين أمرين أحلاهما مرّ، فسندان الازدحام الخانق من جهة، ومطرقة ضعف الرؤية الاستراتيجية لدى الجهات التي لها علاقة بتصميم وإنشاء وإدارة الطرق، وغياب كثير من اعتبارات السلامة المرورية من جهة أخرى، يجعل التجربة ولو لمرّة مريرة، وكفيلة بأن تظهر حجم التذمر والتضجر الذي تسببه مواقع القصور في كثير من الطرق السريعة التي تربط بين حواضر المنطقة. في صباح الأحد الماضي، وفي ساعات الذروة في حركة المرور الصباحية، نكون على نفس الطريق، وما إن نقطع أقل من خمسة كيلومترات فقط، حتى تتجمد الحركة في جميع المسارات أو الحارات الثلاث، بل وحتى في مسار الخدمة الذي صار في الوضع الطبيعي مسبباً لكثير من الحوادث المرورية الكارثية، نتيجة التجاوزات والمخالفات التي يمارسها بعض السالكين لمثل هذه الطرق في بلادنا. وبعد توقف لفترة قاربت الساعة، تبين أن السبب حادث لأكثر من سبع سيارات بنسب إصابات متفاوتة، مما شلّ الحركة تماما في هذا الطريق الشرياني المهم، وبحرف جازم، فإنه حتماً هناك من تأخر عن موعد مرتبط به، سواء وظيفياً، أو كمراجع للمستشفى، أو غيره، ولكن الأمر الذي لا يمكن أن يمرّ بهدوء، هو ماذا لو كانت هناك حالات طارئة جدا، وقد علقت في هذا المختنَق المروري، وليس هناك أي وسيلة لانعدام المخارج، أو الطرق الفرعية القريبة كافتراض له شواهد ووقائع ليست بالقليلة. ولأن وزارة النقل قالت قبل نحو شهر: «في إطار خطة التأهيل ورفع مستوى الطرق الرئيسة في المملكة، تقوم الوزارة حالياً بتأهيل ورفع مستوى طريق «الظهرانالجبيل» السريع، من خلال إضافة مسار رابع، ليصبح الطريق ذا أربعة مسارات في كل اتجاه مع وضع طبقة إسفلتية جديدة على كامل عرض الطريق». فإن هذا التوجه فيه حلول، وإن كانت بالنسبة للطريق المذكور ليست معالجة نهائية، فالطريق هو الشريان الرابط بين المدن الصناعية والموانئ التي تمثل حركة الشحن ونقل البضائع ومواد الاستيراد والتصدير فيه النسبة الأوفر، وبذلك فالطريق ينتقل عليه أعداد هائلة من المركبات ذات الأحمال العالية، بالإضافة إلى تنقل الموظفين والمستخدمين لنفس الطريق، وهذا المعدل في تنامٍ متزايد مع انطلاقات مباركة لمراحل إضافية في المدن الصناعية تحديداً، مما يتطلب أكثر من أربع حارات أو مسارات في هذا الطريق، ولعل مثل هذا مطبق في بعض الدول الجارة والشقيقة في منطقة الخليج، ولذلك فبدلاً من أن تكون خطة رفع مستوى الطريق بإضافة مسار، ووضع طبقة إسفلتية، لماذا لا تكون الحلول القادمة أكثر رؤية وذات فائدة وعائد خدمي أعلى؟ هذا من جانب، أما الجانب الآخر، فهو مشكلة مجمع الكباري بين الظهران والخبر، وكذلك مجمع الكباري بين الدمام والخبر؛ حيث تتكدس المركبات بشكل يستلزم رفع تأهيل وتحسين هذه المواقع والطرق. ومن الشكاوى التي ينادي بها كثير من مستخدمي هذه الطرق هي معايير الجودة والنوعية التي تكاد تنعدم بالنسبة لمواصفات طبقات الإسفلت التي تعاجلها عوامل التعرية بسرعة، وهذا يشير إلى انخفاض في جودة هذه الطبقات. وفي انخفاض العمر الافتراضي لهذه المشاريع الخدمية التي تتكلف مبالغ ضخمة، هدر للمال العام، كما أن أضراراً كبيرة تتعرض لها مركبات مستخدمي هذه الطرق، مما يجعل معدلات الإهلاك السنوي لكل مركبة أعلى من غيرها لدى مستخدمي الطرق ذات المستوى المؤهل. ومما يواجه مستخدمي هذا الطريق هو حجم الحوادث المرورية الخطرة، خاصة مع تزايد السرعة الجنونية من أولئك الذي يتخيلون أنهم في طائرة حين يقاربون الحواجز الخرسانية التي تحد الجزيرة الوسيطة بين طريق الذهاب والإياب، وليست أرقام الحوادث المرورية ومعدلاتها لدينا بأمر خافٍ على الجميع تقريباً، حينما نكون في مقدمة الدول التي يتصاعد فيها معدل حوادث المركبات، وارتفاع معدل الوفيات أو حالات العجز والإعاقة شبة التامة والتامة نتيجة هذه السرعات. إن طرقنا بحاجة لدراسة موضوعية من أكثر من جهة سواء وزارة النقل أو إدارة المرور أو إداراة المدن الصناعية في الجبيل وينبع، وهي الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وليست شركة أرامكو إلا رقم أساسي في كل جودة تنموية شئنا أم أبينا.