تعتبر آبار المياه المحفورة قديماً مورداً وحيداً في ظل شح الأمطار، بل أصبحت بعد الله سبب البقاء لسكان الجزيرة العربية، واقتتلوا مرات على بئر أو مورد ماء، حيث كان لكل قبيلة موردها، ولكل ديار آبارها التي يحافظون عليها، وكانت ومازالت المنطقة مليئة بالآبار من مئات السنين، وتجدها في محاذاة بطون الأودية، ومسائل الشعاب، ووسط المزارع، وعادة ما تجد البئر ملتصقة بالمنازل تسهيلاً للورد، وهو نوع من الحماية والرقابة على مصدر الحياة. كما وتجدها في تصاميم عديدة ومساحات مختلفة اندثر أكثرها وبقي قليل منها باستخدامات ضعيفة جداً، نظراً لتحول الأهالي إلى الطرق الحديثة في الري والسقيا، وجلب المياه في ظل اهتمام حكومتنا الرشيدة برفاهية المواطن وتأمين حياة كريمة له ولأسرته. ولكن تظل البئر القديمة ذات مدلولات عظيمة لدى سكان الباحة، خصوصاً كبار السن، والذين مازالوا يحتفظون لها بذكرى طيبة، كونها كانت يوماً مصدر ريهم وملاذهم بعد الله من العطش. وتتراوح أعماق الآبار بالمنطقة بين عشرة أمتار وقرابة أربعين متراً حسب عمق مستوى سطح الماء، وكان الأهالي قديماً يستخدمون مفردة قيم، أو قامة، أي طول الرجل كوحدة قياس متعارف عليها، فيقولون البئر عشرة قيم، أو عشرين قامة، أما بالنسبة للقطر فيتراوح بين المتر الواحد والخمسة أمتار، وكانت عملية الحفر تتم بمشاركة جميع سكان القرية، أو الوادي، وتستمر لأيام، أو أشهر، حسب نوعية الصخور والتربة، ويتكبد العاملون مرارة التعب والإجهاد الكبير في الحفر في الموقع، مستخدمين المعول والمجرفة والفاروع والعتلة والمسحاة في الحفر، وكذلك الزنابيل. خالد زاهي الغامدي مساعد رئيس الوفد تحدث عن البئر الموجودة بقرية الباحة التراثية بالجنادرية مبيناً أن طولها يصل إلى خمسة عشر متراً، وإلى جانبها المجرة، وعليها أدوات جلب الماء، مثل البكرة، أو المحالة والدلاء، والغرب والرشا، ووضعت بالقرية بهدف تعريف الشباب بمعاناة الآباء في الحصول على الماء قديماً، وكيفية حفرهم للآبار، واستخراج الماء لسقياهم، وسقيا مواشيهم، وكذلك اطلاعهم على أشكال ومسمَّيات الأدوات المستخدمة والمتعلقة بالبئر قديماً.