للاحتفاء باليوم الوطني دلالات مهمة كتعميق المواطنة الصالحة، وتوثيق عرى الترابط بين جميع شرائح المجتمع السعودي، والاعتزاز بما حققه الوطن من تنام حضاري على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية والصحية، ويقابل ذلك ثمة جوانب ينبغي أن تُؤخذ في الاعتبار. أولاً: حمد الله وشكره على ما أفاء به لهذه البلاد من نعم كثيرة أهمها نعمة الأمن الذي يرفرف بجناحيه الأبيضين على كافة مناطق المملكة، وحين نطالع ما يدور حولنا من فتن وحروب ومنازعات يزداد الشكر لله عز وجل أن ساد الأمن وعم الرخاء. المواطن السعودي يود أن يعيش الربيع العربي بطريقته التي ترفض كل الوصايات الخارجية، والتدخل في شؤوننا الخاصة. الربيع الذي نصنعه بأنفسنا لتكون المملكة العربية السعودية أنموذجاً لدولة عصرية تحتفي بمنجزها وتسعد بنمائها وتفرح بترابط قيادتها برعيتها. ثانياً: الخيرات التي منحها الخالق متمثلاً في حقول النفط والغاز حيث تعد المملكة بحسب الإحصاءات أكثر الدول احتياطاً وإنتاجاً وتصديراً ولهذين العاملين المهمين تحقق على ثرى الوطن منجزات حضارية تزيدنا فخراً واعتزازاً، واستمراراً لسير عجلة التقدم والتحضر لابد أن يكون هناك أولويات في اجتثاث دابر الفساد لأنه يفسد جماليات الوطن باعتباره – أي الفساد – أسوأ وأخطر معول هدم لحضارة الأمم، ومع الأسف الشديد الفُسّاد لا يردعهم خلق، ولا يمنعهم ضمير، ولا ينفع معهم النصح والإرشاد، لأنهم باعوا ذممهم، وليس هناك من حل إلا التشهير بهم وكبح جماح أنانيتهم، وتقليم أظافر ومخالب عدوانيتهم، وتنظيف مراية المجتمع من أخطار ممارساتهم، ليعيش المجتمع هانئاً. ثالثاً: تفشي ظاهرة المشاريع المتعثرة، وللفساد دوره في إبطاء تنفيذ المشاريع وتأخير موعد تسليمها مما يستوجب إيجاد الحلول الناجعة في القضاء على هذه المشكلة التي يئن منها المجتمع. رابعاً: الاستمرار في تحويل المجتمع إلى مجتمع مدني ولا يمكن أن يتحقق إلا بعد إزالة مفاهيم ترسخت في أذهان بعضهم كالمناطقية والقبلية، وليس من المعقول أن يتصرف بعض المسؤولين كيفما شاءوا دون وضع اعتبار للكفاءات المتمكنة فبعضهم ومع الأسف الشديد يُقرّب من تربطه بهم علاقة قرابة أو صداقة بما يسمّى مجازاً فيتامين «و» وينبغي لكل مواطن وفي أي منطقة أن ينال نصيبه في العمل الوظيفي بمقدار كفاءته ومهارته وجدارته لأن ذلك يعود على المجتمع نفعاً في كون التسليم لقيادات أو رؤساء أقسام يهمهم بالدرجة المصلحة العامة أما الموظف الذي يأتي من الأبواب الخلفية فسوف يكون وبالاً على المجتمع ومن ثم على المصلحة العامة لضعف رؤيته ونقص خبرته وعدم جدارته. خامساً: الأجيال القادمة لهم حق علينا بأن نوفر لهم أسباب الرفاهية والحياة الكريمة بما أفاء الله على هذه البلاد من خير عميم، لذا يمكن استنهاض أصحاب الرؤى العميقة والفكر الصائب بوضع دراسة عن كيفية الادخار، والشروع في ذلك سواء في الداخل أو الخارج. ويزيدنا ابتهاجاً أن يمتد الفرح في الاحتفاء باليوم الوطن قروناً لتذكُرنا الأجيال ليس بتاريخنا فقط بل بما تم ادخاره لهم. لليوم الوطني دلالات ومفاهيم يتفاوت استيعابها من شخص لآخر إلا أن الجميع يتفق في شيء واحد وهو حب الوطن والذود عن حياضه والسعي لأن يكون منارة عالية على مستوى جميع الأمم. الوطن ليس فقط جغرافيا وتاريخ بل هو مشاعر متدفقة من شغاف القلوب حباً وولاءً وانتماءً، الوطن لا يمكن أن نقبض على مفاهيمه أو نؤطر دلالاته.. لأنه يتسع مثل الأفق الرحب أو البحر الواسع.. البحر يشمل كل شيء.. ويملأ كيان الإنسان وعروقه وأحداق عينيه وغرف قلبه. واجب علينا أن نفاخر به، ونسعى لمزيد من التآلف والتآخي والنزاهة والتعاون مع الأجهزة الأمنية، من أجل مصلحة الوطن، والسعي لكشف كل ما يزعزع أمننا مع الحرص على مكتسباته ومقدراته. الوطن يستحق منا كثيراً، الحب الإخلاص التضحية الوفاء والمثابرة..