الانتحار هو أن يقتل الإنسان نفسه اعتراضاً على حياته، وهو محرم في الإسلام، لأن حياة الإنسان ليست ملكاً له، وأن الموت والحياة بيد الله تعالى، وأن الله جعل أسبابا للموت يموت بها من يفعلها كأن يحرق أو يشنق أو يلقي الإنسان نفسه من علو حتى الموت «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» وكلما زاد إيمان المسلم بالله وبقدره خيره وشره صبر على مصائبه لأن فيها تكفيرا لذنوبه أو رفعة لدرجاته عند الله وقد تكون اختباراً من الله أيصبر أم يجزع، وهنا نجد أن كل أحوال المسلم له خير، لذا كان وعيد المنتحر ومصيره النار في الآخرة «وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا» وفي الحديث الصحيح «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجّأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سمّاً، فقتل نفسه فهو يتحسّاه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها». في تقرير منظمة الصحة العالمية السنوي حول الانتحار الذي أصدرته على موقعها أشارت إلى أن نحو «800» ألف شخص ينهون حياتهم انتحاراً كل عام! أي بمعدل شخص كل «40» ثانية!! ويقابل كل حالة محاولة كثير من الناس للانتحار فيفشلون!. وألمح التقرير إلى أن تلك الظاهرة تحصد من الأرواح أكثر من الحرب والكوارث الطبيعية. حيث يبلغ المعدل الدولي «11.4» حالة انتحار على كل «100» ألف شخص، وتتقدمها قارة آسيا بمعدل «17.7» كما أن نسبة الانتحار في الدول المتقدمة «12.7» يعد أعلى من نسبة الدول الفقيرة «11.2». وهذا يدل على أن الحياة المترفة والغنى ليست هي السعادة بذاتها، كما تعادل نسبة الانتحار لدى الرجال أعلى بضعفين مقارنة بالنساء. وفي ترتيب الدول لظاهرة الانتحار وقعت السعودية آخر الترتيب بين الدول العربية وأقلها تسجيلا لظاهرة الانتحار بنسبة «0.4» وهي نسبة متدنية ولله الحمد. يدعونا ذلك إلى الوقوف كثيرا لتعزيز مكامن الطمأنينة داخل نفس المواطن السعودي، وإذكاء الطابع الإيماني في المجتمع، والتعرف على العوامل التي تبث في النفس الأمل والتفاؤل والثقة بالله والإيمان بالقدر، والعمل على تحقيق الصحة النفسية لكل أفراد المجتمع التي تبعد اضطرابات النفس وتقلبات المزاج. والدولة مشكورة تبذل جهوداً كبيرة لصحة المواطن كمحاربة المخدرات والمسكرات كونها السبب الرئيس للانتحار وقتل الآخرين. ومع ذلك تبقى التوعية أقل مما يجب! كما أن المصحات النفسية في بلادنا قليلة والحال انتشار الأزمات والاضطرابات النفسية، وكذا الممارسات التي يتجنى فيها على مشاعر الآخرين لا تجد له عقوبات رادعة. أخيراً: أين وسائل إعلامنا في إبراز تلك السمة المميزة لمجتمعنا في تحقيق نسبة انتحار أقل عربياً!!