خلص استطلاع قامت به «الشرق» عن ارتفاع الأسعار في المدارس الأهلية إلى الفجوة العميقة بين السلوك، الذي تقوم به هذه المدارس ولا مبالاتها بالتعليمات والأنظمة، وبين ما تعلن عنه وزارة التربية والتعليم من تحديد الأسعار، ورسم خطوط محددة واشتراطات لرفع الأسعار. فيما بدا الأهالي بحسب عدد ممَنْ التقيناهم لا يعلمون بهذه المحددات. الأمر الذي دعا مدير إدارة التربية والتعليم في المنطقة الشرقية لرفع الصوت عالياً بأهمية مراجعة بيانات الوزارة على موقعها بهذا الخصوص. لكن كل هذه التحذيرات، التي تصدرها وزارة التربية والتعليم في المملكة سنوياً بخصوص الحد من المبالغة في رسوم الدراسة بالمدارس الأهلية لم تشفع لها، حيث قامت عدد من المدارس في المنطقة الشرقية برفع رسوم خدماتها التعليمية للعام الحالي بنسبة 70% حسب تقدير عدد من المدارس، غير عابئة بالاشتراطات الفنية، بحجة زيادة التكاليف الدراسية، وأيضاً استخدام طرق تعليمية حديثة وعالمية رغم أن المدارس لا تقدم منتجات تجارية. صلاح النجار «ولي أمر»، قال: إن وزارة التربية والتعليم حددت في قراراتها أسعار رسوم الدراسة في المدارس الأهلية من واقع الجودة والإمكانات التي توفرها للطلبة، إلا أن هناك مدارس لا تولي اهتماماً لها حيث تحاول أو تستغل جهل وعدم معرفة أولياء الأمور بهذه القرارات من خلال رفع الرسوم. وبيَّن النجار أن جشع التجار وملاك المدارس هو مَنْ وصل بنا إلى هذا الحد من المبالغة في الأسعار لدرجة أن الرسوم، التي تدفع في المدارس المتوسطة والابتدائية وحتى الثانوية أغلى بكثير من الرسوم التي تدفع لإكمال الدراسة الجامعية سواء في جامعة الملك فيصل أو الدمام. وتساءل النجار: مَنْ يحمي المواطن، الذي أصبح يعاني الأمرين بخصوص المدارس الأهلية. وقال لم نحصل من هذا المدارس سوى أنهم يمكنون الطلبة من النجاح بأعلى الدرجات، وذلك دون مطالبتهم بالجهد والمثابرة. مؤكداً أن ما يهمهم هو دفع المال فقط، وكأن شعارهم «ادفع لترفع معدل ابنك». فيما أشار عبدالحميد الخواجة إلى أن ابنه الذي مازال يدرس بالصف السادس الابتدائي في إحدى المدراس الأهلية بالدمام مطلوب منه دفع رسوم سنوياً تصل إلى قرابة 28 ألف ريال. متسائلاً: كيف وصلت إلى هذا المستوى بينما كانت في البداية لا تتجاوز 15 ألف ريال. وقال موضحاً هذا السلوك التجاري: إن المدارس الأهلية كما يبدو تعتمد في زيادة رسوم الدراسة لديها على تقديم خدمات تعليمية متميزة، ولكن الواقع الحقيقي يقول غير ذلك، حيث إن غالبية العاملين بها هم من الأجانب، وربما بعضهم من المخالفين لنظام الإقامة في المملكة. من جهته، وصف تيسير الخنيزي مالك لإحدى المدارس في المنطقة الشرقية ارتفاع الأسعار بأنه طبيعي وأنه مثله مثل أي منتج آخر يتعرض للارتفاع والانخفاض بناءً على العرض والطلب. وقال: «إن أسعار الرسوم الدراسية للعام الحالي زادت بمعدل ألفي ريال للطالب عنها في العام الماضي. مبيناً أنها وصلت لطلاب المرحلة الابتدائية إلى 14000، والمرحلة المتوسطة 18000، والثانوية 22000، وذلك دون رسوم الحافلة البالغة قيمتها 2500 ريال لمَنْ يرغب. وأكد الخنيزي أن قرار رفع السعر يتعلق بعوامل العرض والطلب، الذي تقدمه المدرسة للطلبة الملتحقين ومن هذا المنطلق تقوم إدارة المدرسة بوضع تصور كامل عن أحقية المدرسة في رفع الأسعار. فيما قالت عائشة الخضيري «مديرة مدرسة أهلية» إن ارتفاع التكاليف الدراسية في المدارس الأهلية يمثل قلقاً لأولياء الأمور في كل عام، خصوصاً الأسر التي لديها مجموعة من الأبناء الملتحقين بهذه المدارس. وأضافت أن المدارس الأهلية مازالت تحتفظ بطابعها التجاري والاستثماري، رغم أن التعليم مهمة سامية لا يمكن العبث بها. مقترحة وضع تصنيف محدد للمدارس، ومتابعة قوائمها المالية بشكل يستفيد منه أولياء الأمور، بحيث يكون كل شيء واضحاً لديهم، ويمكنهم من اتخاذ القرارات الصائبة بالنسبة لأبنائهم. من جانبه، شدد مدير إدارة التربية والتعليم في المنطقة الشرقية الدكتور عبدالرحمن المديرس على عدم استغلال أولياء الأمور. وقال ل «الشرق» وزارة التربية والتعليم تؤكد عدم استغلال ملاك المدارس لأولياء الأمور في رفع رسوم الدراسة، مشيراً إلى أن الوزارة وضعت عبر موقعها الإلكتروني قائمة بأسماء المدارس المعتمدة في جميع مناطق المملكة، وكذلك أسعار الدراسة في هذه المدارس، التي يحق لجميع أولياء الأمور الرجوع للموقع للتأكد من هذه القائمة، ومعرفة جميع التفاصيل المتعلقة برسوم الدراسة، التي حددتها الوزارة قبل إلحاق أبنائهم في المدرسة. وبيَّن المديرس أن وزارة التربية التعليم حريصة على وضع اشتراطات ومعايير تنص على عدم رفع رسوم الدراسة في المدارس الأهلية من أجل الحد من جشع ملاك المدارس، الذين يحاولون استغلال جهل أولياء الأمور، وعدم معرفتهم برسوم الدراسة. وأكد المديرس أنه لا يحق لأي مدرسة أهلية أن ترفع الرسوم دون الرجوع إلى الوزارة، مشيراً إلى أن تحديد الأسعار والتكاليف في المدارس الأهلية يشمل كل المراحل ولا يحق لأي مدرسة رفع الرسوم دون الرجوع إلى الوزارة. وقال: في حال اكتشف أحد أولياء الأمور وجود تفاوت في الأسعار عما هو مدون في الموقع، ولم تحددها الإدارة، فعليه مراجعة مكتب التربية في مبنى إدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية وتقديم شكوى. وأضاف المديرس أن من حق أولياء الأمور التظلم ضد المدرسة، التي تقوم بزيادة تكاليف الدراسة، مبيناً أن الأسعار تحددها إدارة التعليم بعد أخذ الموافقة من قبل وزارة التربية والتعليم، ولن يكون ذلك إلا بعد أن تقوم المدرسة بتنفيذ المتطلبات الضرورية، وبناءً عليه يتم رفع الرسوم. وأوضح المديرس أنه لا يحق لأي مدرسة رفع قسط دراسي إلا بموجب خدمات تقدم، بحيث يتم الرفع إلى إدارة التعليم الأهلي في مبنى إدارة التربية والتعليم من أجل معرفة هذه الخدمات ونوعيتها، وعليه تتم دراستها بشكل موسع، ومن ثم يتم الرفع بها للوزارة لاعتمادها وعلى ضوئها يتم تحديد رسوم إضافية بناءً على ما تم الرفع به. وأشار المديرس إلى أن بعض ملاك المدارس يستغلون جهل أولياء الأمور في معرفة الأسعار. مطالباً جميع وسائل الإعلام بإيضاح هذه الأمور، وقال: «نحن اليوم نعلنها بكل شفافية أن على جميع أولياء الأمور مراجعة الموقع الإلكتروني لإدارة التعليم في المنطقة الشرقية لمعرفة جميع التفاصيل المتعلقة بالدراسة في المدارس الأهلية».