رفعت الكثير من المدارس الأهلية رسومها الدراسية مع الأيام الأولى للتسجيل الذي يبدأ هذه الأيام، في وقت لا يعرف الكثير من أولياء الأمور كيفية التعامل مع تلك المدارس، خاصة أن وزارة التربية والتعليم أكدت أن الموافقة المسبقة لرفع الرسوم شرط أساسي لتطبيق الزيادات. وما بين رغبة أولياء الأمور في البقاء في مدارس اختيرت بعناية وفق ظروف كل أسرة سواء في الموقع الجغرافي أو التأهيل العلمي، تصبح زيادات الرسوم هاجسا يؤرق أولياء الأمور، ويشكل لهم قلقا بالغا في ظل الزيادات المستمرة. لكن على النقيض من ذلك، يرى أصحاب تلك المدارس أنهم معرضون للإفلاس إذا لم تعتمد زيادات الرسوم، مشيرين إلى أن وزارة العمل ألزمتهم برفع الرواتب بالنسبة للسعوديين الأمر الذي يشكل عليهم ضغوطا كبيرة، لكن هذا الأمر يعتبره منسوبو المدارس مغالطة، لأن زيادات الرواتب تتم من صندوق الموارد البشرية، ولا تشكل ضغطا على تلك المدارس. وفي استفتاء على موقع «عكاظ» الإلكتروني رفض أولياء الأمور تلك الزيادات مهما كانت الأسباب. وقالت رنا: نعاني من جشع الملاك كل سنة، بل مديرة مدرسة ابني سحبت منه مقعده لتأخره عن سداد قسط واضطر أن يقف طيلة اليوم الدراسي، وعندما راجعتها وبختني وقالت يمكنك أن تشكو لأي جهة، بل زادت الأمر سوءا بالتشهير بالطلاب المتأخرين عن السداد في مجموعة على الواتساب. ويرى جمال ملحم أن الأسعار مبالغ فيها جدا، ماذا يعني رسم فتح ملف 1000 ريال ورسم اختبار دخول مثله وزيادة الرسوم للعام الدراسي القادم بما لا يقل عن 3000 ريال غير زيادة أجور نقل الطلاب بما لا يقل عن 500 ريال، وقال: في رأيي هذه الزيادة في الرسوم تؤدي إلى الضغط المتزايد على المدارس الحكومية هربا من ارتفاع الرسوم. وأشار ولي أمر طالب إلى أن إحدى المدارس زادت الرسوم خمسة آلاف ريال، وقال: الجامعات لا تأخذ هذه المبالغ، وأشار أيمن أحمد إلى أنهم زادوا الرسوم ثلاثة آلاف ريال، وقال: حرام عيلهم. وقالت ريم: من يريد أن يصبح مليونيرا يمكنه فتح مدرسة أهلية على أكتاف أولياء الأمور لأنهم مجبرون على السداد، مضيفة: «حسبي الله ونعم الوكيل». كما أشارت نها محمود إلى زيادة القسط المدرسي ثلاثة آلاف ريال. وبينت أخرى رمزت لاسمها ب«تولة عود» أن مدرسة ابنتها بدأت بثمانية آلاف ريال، لتصل الرسوم بعد سنتين فقط إلى عشرة آلاف ريال، وبالتقسيط تصل إلى 12 ألف ريال. وتشير نوف الحربي إلى أن وجود وافدين في إدارات المدارس ربما كان السبب في زيادة الرسوم، بل هم أصحاب الفكرة في الزيادات وعلى الوزارة سعودة المدارس بالكامل، وقالت: «كفاية مجاملات على حساب الوطن والمواطن». مضطرون ولكن وأشار بعض أولياء الأمور عن معاناتهم مع ارتفاع رسوم المدارس الأهلية رغم تقديمها لخدمات تعليمية أفضل من الحكومية، مطالبين بإلغاء المبالغة في ارتفاع الرسوم. وقال طلال عبدالرحيم العمري ولي أمر لطالبين التحقا في إحدى المدارس الأهلية أن هناك زيادة في كل عام للرسوم إضافة إلى المبالغة في رسوم فتح الملف، موضحا أن هناك استنزافا لجيوبهم في ظل الغلاء الفاحش في الأسعار، وأضاف أن ظروف أبنائه الخاصة أجبرته أن يلحقهم في الأهلية. وأوضح مقبل خالد أن أغلب المدارس الأهلية تفرض رسوما مرتفعة، وهي لا تستحق رفع رسومها، خاصة أن تعليمها ليس بالمستوى لكن نضطر للجوء لها لقربها من سكننا، مبينا أنه ليس لديه وقت لتوصيل أبنائه للمدارس لارتباطاته العملية، وبعد المدارس، وليس لديه سائق خاص. وأشار إلى أنه مؤسف أن تصل رسوم بعض المدارس للمرحلة الابتدائية العشرة آلاف ريال، وهذا مبلغ كبير يرهق ميزانياتنا كأولياء أمور، ولكننا مضطرون للجوء لهذه المدارس لظروفنا الخاصة وفي ظل الازدحام، الذي تشهده المدارس الحكومية. وقال عبدالله السالم ولي أمر طالب: لو أن وزارة التربية والتعليم حددت المبالغ المطلوبة من الطالب والطالبة، ووضعت حدا أعلى لما احتجنا للصراخ والعويل، مستغربا أن تجد مدارس تطالب بمبالغ خيالية وهي تجلب معلمين دون المستوى وبلا هوية وضعيفين في الأداء وبمبنى متهالك مستأجر ومخرجاتهم لو تم الكشف عنها لوجد أننا نضيع أجيال من أبناء الوطن فالمطلوب وضع شروط واتفاقيات ملزمة ومستوى تعليمي مختلف بعيدا عن العمل العشوائي القائم. غير ربحي وأضاف مالك مدرسة: إننا قطاع خاص وهدفنا ربحي ونضطر لرفع التكلفة على الطلاب والطالبات لتغطية المصاريف، ولدينا بالفعل اتفاقيات مع الموارد البشرية ولكن هل تغطي هذه تكاليفنا، فالمطلوب كبير جدا وعلى هذا الأساس نتفاوض مع المعلمات والكثير منهن يرغبن بالراحة بالتخلي عن أوقات العمل الطويلة مقابل القبول بالمبلغ الذي يمنح لهن. واعتبر علي بن عبدالله القحطاني الاستثمار في المدارس مشروع غير ربحي في ظل إلزام المدارس بكافة المستحقات المادية للعاملين فيها وتقديم كافة الخدمات للطلاب والطالبات وعدم المبالغة في الرسوم وفق قرار وزارة التربية والتعليم، الذي يمنع أي مدرسة بزيادة رسومها إلا بعد موافقة الوزارة، مشيرا إلى أنه لا بد من إصدار المزيد من القرارات الأخرى التي تنصف الطرفين، باستمرار دعم صندوق تنمية الموارد البشرية للمدارس الأهلية، بالنسبة لرواتب المعلمين السعوديين، كي لا تضطر المدارس إلى رفع الرسوم الدراسية لتغطية نفقاتها وتقليص بعض الخدمات المقدمة في تطوير التعليم. ودعت مسفرة الغامدي (مالكة إحدى المدارس الأهلية) إلى ضرورة تدخل أصحاب القرار لإنقاذ هذه المدارس من الإفلاس، وأهمية تأهيل المواطنين قبل الزج بهم في سوق العمل، خاصة أن صندوق تنمية الموارد البشرية يتحمل جزءا من تكاليف توظيف السعوديين. وطالبت منيرة بنت عبدالله الجهني مالكة لإحدى المدارس المبتدئة بضرورة الدعم من قبل الوزارة ومكتب العمل وصندوق الموارد خصوصا أن المدارس تريد تحقيق هامش جيد من الربح ولا تتكبد خسائر. وإلزام الوزارة بتخفيف الرسوم الدراسية ولا يتم رفعها إلا بعد موافقة الوزارة وإلزام المدرسة من قبل مكتب العمل بحقوق المعلم وإعطائه كامل مستحقاته كبقية الموظفين. ليست مرتفعة وقلل رئيس لجنة التعليم الأهلي بغرفة الشرقية خالد الجويرة من غلاء الرسوم الدراسية التي تطلبها بعض المدارس الأهلية، مبينا أن ما تتقاضاه حاليا مبالغ ليست مرتفعة، بل إنها أقل من المعدل الطبيعي، فهي لا تقارن بالمصاريف الحقيقية، فكثير منها تواجه مشكلة حقيقية للتغلب على الرسوم التي وضعتها مع بداية الموسم الدراسي، لاسيما أن وزارة العمل فرضت أنظمة جديدة تتمثل في زيادة الرواتب والسعودة وكذلك بعض الأنظمة الجديدة. وبين أن بعض المدارس لم تكن مستعدة للتعاطي مع قرارات وزارة العمل، مما يضعها في موقف حرج للغاية، فهي إما تعمد لزيادة الرسوم وهو أمر بالغ الصعوبة سواء بالنسبة للحصول على موافقة وزارة التربية والتعليم أو بسبب رفض أولياء الأمور أو الإبقاء على الرسوم الحالية ومحاولة إيجاد مخرج لتجاوز مشكلة الصعوبات المالية التي تعيشها. أين الإعانات وكشف أن جميع المدارس الأهلية لم تتلق إعانة وزارة التربية والتعليم بالنسبة لقطاع البنين لعام 1433/1434ه والبالغ ما بين 100 إلى 150 ريالا للطالب، فيما تلقت إعانة قطاع البنات، مضيفا، أنه لا يعرف الأسباب الحقيقية وراء التأخر في تسديد الإعانة السنوية. وأكد الجويرة أن بعض المدارس الأهلية لجأت للإغلاق جراء ارتفاع المصاريف، فيما عمدت مدارس أخرى لمخاطبة بنك التسليف لاستلام المباني نظرا لعدم القدرة على تسديد الأقساط المترتبة، مؤكدا إلغاء ملاك مدارس خطط التوسع والتراجع عن بناء مبان جديدة بسبب عدم وجود السيولة اللازمة. وأشار إلى عدم امتلاك أرقام محددة بشأن المدارس المغلقة، بيد أنه يمتلك معلومات بعرض مدارس للبيع سواء في الدمام أو الخبر، مبينا أن دراسة الجدوى التي أجرتها بعض المدارس الأهلية وضعت على أساس رواتب لا تتجاوز 2000 ريال، وبالتالي فإن الأنظمة الجديدة التي فرضتها وزارة العمل وضعتها في مأزق صعب للغاية، لاسيما أن الأنظمة الجديدة تنص على رفع الرواتب لتصل إلى 3000 ريال، بالإضافة لذلك فان وزارة التربية والتعليم ترفض الموافقة على رفع الرسوم الدراسية في حال عدم وجود مبررات حقيقية، مؤكدا أن بعض المدارس العاملة في المنطقة الشرقية تعمل حاليا بخسارة بسبب عدم حصولها على الموافقة الرسمية من وزارة التربية والتعليم برفع الرسوم الدراسية، بالإضافة لذلك فإن عملية زيادة الرسوم تواجه في الغالب برفض أولياء الأمور، مما يضطرها للإبقاء على الرسوم دون تحريك، مضيفا أن المصاريف سجلت زيادة في الفترة الأخيرة، فعلى سبيل المثال فقد ارتفعت بعض المصاريف مثل الأقلام والورق بنسبة 10% إلى 15%. وقال الجويرة إن مصاريف المدارس الأهلية تختلف باختلاف المدارس نفسها، فهناك بعض المدارس تكون مصاريفها مرتفعة وبالتالي فإن تحديد نسب محددة للمصاريف من الصعوبة بمكان، لافتا إلى أن المدارس التي ترغب في رفع الرسوم الدراسية تتقدم لوزارة التربية والتعليم في سبيل الحصول على الموافقة، إلا أنها لا تحصل على الموافقة دون ذكر الأسباب الحقيقية وراء اللجوء لإعادة تقييم الرسوم الدراسية.