- إذا كانت حكومة حيدر العبادي في العراق تريد إثبات اختلاف سياساتها عن حكومة نوري المالكي، فإن على العبادي أن يتصدى لموضوع الميليشيات الطائفية، التي تعتبر الوجه الآخر لعملة الإرهاب. - هذه الميليشيات وتنظيم «داعش» المتطرف وجهان لعملة واحدة، كلتا الجهتين يعتمدان الإرهاب منهجاً ولا يقيمان وزناً لحياة الناس ولا معتقداتهم، كلاهما يؤمن بإلغاء الآخر ولا يعترفان بأن العراق مجتمع متنوع دينياً وثقافياً وسياسياً. - الحكومة العراقية توجِّه جهود مكافحة الإرهاب إلى «داعش»، وهذا الأمر منطقي ومطلوب في ظل توسع التنظيم الإرهابي وارتكابه فظاعات في حق المدنيين، لكن هذه الجهود تظل قاصرة إن لم تشمل مواجهة الميليشيات الطائفية المدعومة من بعض المحسوبين على المشهد السياسي. - وقد ارتكبت هذه الميليشيات الجمعة الماضية مجزرة في بعقوبة لا تقل عما يفعله «داعش»، اقتحم مسلحوها مسجداً في المدينة الواقعة بمحافظة ديالى وقتلوا ما يزيد على سبعين شخصاً كانوا بداخله في تصرفٍ وحشي، قالت بعض المصادر إنه انتقامي بسبب ما تعرض له هؤلاء المسلحون وزملاؤهم على أيدي «داعش»، فكان الانتقام من المدنيين. - وبالعودة إلى المالكي، نجد أن حكومته لم تغض الطرف عن الميليشيات وحسب، وإنما تعاونت معها مستفيدةً من عملياتها، وقد كان هذا التوجه الطائفي للحكومة أول أسباب نفور القطاع الأوسع من العراقيين منها وتأييده رحيلها، مطالباً بحكومة جديدة تمثل مختلف مكونات الشعب ولا تعتمد على الميليشيات. - على العبادي أن يفتح هذا الملف الشائك إذا كان ينوي تعزيز مؤسسات الدولة العراقية وأجهزتها الأمنية والعسكرية والسير في مسار يختلف عن سلفه.