لا أستطيع اليوم، ولا في أي يوم آخر، أن أقدم «ابتسامة» بالنيابة عن أستاذنا الكبير جلال عامر. ذلك القلم الذي يزحزح عنا كل يوم شيئاً من الهم والحزن، بأسلوبه البديع وروحه الشفافة وقلبه الكبير! اليوم، قلب أستاذنا الذي ينبض بحب الناس، كل الناس، يرقد في غرفة العناية المركزة، جلطة لعينة باغتته عصر الجمعة الماضية، لتملأ (ابتسامته) اليوم دموعاً وأحزاناً، وقبلها، الدعوات للإله الرحمن الرحيم أن ينجيه، وأن يعود إلينا أكثر دفئاً وحناناً وابتساماً. قلب جلال عامر الكبير، جعله يوصي ابنه الأكبر (رامي) بعدم الإفصاح عن المستشفى الذي سيرقد فيه حينما باغتته الأزمة، فللناس همومها وصاحب ال(ابتسامة) لا يريد أن يجلب للناس أدنى (هم)، حتى وهو بين يدي الخالق! أرأيتم كيف يكون نبل العطاء؟ أرأيتم كيف يكون حب الناس؟ أرأيتم كيف يكون الإنسان إنساناً حتى وهو في أقصى وأقسى حالات الألم؟ أرأيتم كيف يفكر المرء بغيره في الوقت الذي هو في أشد الحاجة إلى غيره؟! هذا هو جلال عامر الإنسان بحق، صاحب الرسالة في الحياة، وما أعظمها من رسالة: أن يعيش الإنسان للإنسان! لا أدري كيف سأستطيع أن أملأ هذه المساحة والأنامل مرتعشة والقلب مخطوف هناك، في الإسكندرية حيث يعيش جلال عامر! فقط أستطيع أن أبتهل لله سبحانه وتعالى أن يخفف عنه، وأن يعيده سالماً لأهله وذويه وقرائه الكرام، وأن يمنحه مزيداً من الحياة، قولوا آمين.