بدأ الاحتلال الإسرائيلي تشكيل منظومة دفاعية قضائية لحمايته من التحقيقات الدولية والشكاوى الفردية، التي تتهمه بالتورط في جرائم حرب في قطاع غزة. وأصبح الدخول في معركة قضائية دولية واقعاً بالنسبة للاحتلال منذ الإثنين الماضي، حيث شكل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة للتحقيق في انتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني في العمليات العسكرية، التي بدأت في 13 يونيو الماضي. ومن مهام اللجنة تحديد المسؤولين عن الانتهاكات من أجل ملاحقتهم. وسيترأس اللجنة وليام شاباس، وهو أستاذ قانون دولي في لندن يعد مناهضاً لإسرائيل، حيث أعرب عن رغبته في رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أمام المحكمة الجنائية الدولية. ومن المفترض أن ترفع لجنة التحقيق تقريراً مكتوباً في مارس 2015، وسيتطرق مجلس الأمن أيضاً للمسألة بجلسته المقبلة في سبتمبر. لكن الاحتلال حاول استباق الأمور وأعلن منذ بدء العمليات عن إنشاء لجنة خبراء عسكرية للتحقيق في «الحوادث المأساوية». وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال أرييه شاليكار «لقد شكلنا لجنة مشابهة بعد عملية عمود السحاب 2012، هذه المرة قمنا بتشكيلها خلال العملية». وبحسب شاليكار فإنه «في حال ارتكبنا خطأ فعلينا الاعتراف به والتعلم منه».وكانت إسرائيل قد قامت بمقاطعة لجنة تحقيق سابقة شكلها مجلس حقوق الإنسان برئاسة القاضي الجنوب إفريقي، ريتشارد غولدستون، بعد عملية «الرصاص المصبوب» ضد قطاع غزة في 2008-2009. واتهم التقرير الذي قُدِّمَ في سبتمبر 2009 إسرائيل بارتكاب «جرائم حرب» و»جرائم ضد الإنسانية» في الهجوم العسكري الذي تسبب بمقتل 1.440 فلسطينيا و13 إسرائيلياً، كما وجه التقرير اللوم للجماعات الفلسطينية المسلحة. ولمواجهة الاتهامات الجديدة، جمعت وزيرة العدل الإسرائيلية، تسيبي ليفني، فريقاً قضائياً مؤلفاً من محامين من أجل الدفاع عن إسرائيل. كما تنظر إسرائيل في إمكانية تقديم شكاوى على الساحة الدولية تتهم فيها حركة حماس بارتكاب «جرائم حرب» ضد السكان المدنيين الاسرائيليين مع استخدام المدنيين الفلسطينيين «كدروع بشرية» في ذات الوقت. وبالإضافة إلى ذلك، سيقوم مكتب المدعي العام للحكومة الإسرائيلية بالتحقيق في هجمات أدت إلى مقتل مدنيين فلسطينيين. وتواجه إسرائيل خطر تقديم مذكرات اعتقال دولية قد تستهدف قادة عسكريين ومسؤوليين سياسيين عقب بدء إجراءات المحاكم الدولية. وحتى الآن، لم يكن هناك سوى مذكرات اعتقال محلية في بعض الدول، حتى أن ليفني نفسها كانت موضوع قضية أمام محكمة بريطانية عام 2009.وبدأت إسرائيل هجوماً عسكرياً على قطاع غزة في 8 يوليو الماضي خلَّف قرابة ألفي قتيل وآلاف الجرحى والمشردين. من جهتها، رحبت حركة حماس في قطاع غزة في بيانٍ لها ب «تشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم الحرب على غزة» ودعت إلى الإسراع في بدء عمل اللجنة. بينما دعا رئيس لجنة التحقيق، وليام شاباس، الإسرائيليين إلى «التعاون» لتجاوز التصريحات العامة مثل «الدفاع المشروع» عن إسرائيل و «الاستخدام المتناسب للقوة»، مؤكداً ضرورة دراسة «كل حالة على حدة». وأضاف في مقابلة مع التليفزيون الإسرائيلي «من مصلحة إسرائيل أن تكون موجودة في هذه المناقشات وتقديم روايتها للأحداث، وفي حال عدم قيام إسرائيل بذلك فإن الصورة مع الأسف ستبقى ناقصة».