دعا عمدة هيروشيما (كازومي ماتسوي) الرئيس الأمريكي باراك أوباما وجميع قادة البلدان التي تمتلك السلاح النووي إلى زيارة مدينتي القنبلة في أسرع وقت ممكن، وأضاف «إذا ما قمتم بالزيارة، فستقتنعون بأن الأسلحة النووية هي الشر المطلق وبأن من الضروري عدم السماح بعد الآن بوجودها». لقد جرب اليابانيون ويلات السلاح الذري، وكانت التجربة فوق رؤوسهم المرة الأولى والأخيرة حتى اليوم، ولكن لماذا أحجم المجانين من المحاربين عن استخدام السلاح الأقصى، ويلجأون إلى استخدام الأدنى؟ مثل من بيده مسدس فيرميه، ويلجأ إلى استخدام العصا والحجر فيدمي؟ وكان بإمكانه مسح عدوه من خارطة الوجود وإلى الأبد؟ هل يمكن تصور أن يتخلى الجندي المحارب (المجنون) عن الرشاش، ويلجأ إلى سلاح القوس والنبل والساطور من أيام المماليك؟ بالله عليكم هل يفعل هذا عاقل أم مجنون؟ الجواب: الجنرالات والمحاربون فعلا مجانين حتى يعود الرشد الإنساني من المنفى؟ لقد وصل العالم مضطرا إلى وصفة الأنبياء والكلمة التي جاؤوا بها، أن الكون خلق للسلام وليس الحرب، وأن له غاية ماض إليها في أجل لا ريب فيه، وأن الاقتتال والسلاح والجبروت والطغيان والاستكبار مآله إلى زوال، وأن الدار الآخرة هي لمن لا يريد علوا في الأرض لا فسادا. لقد تطلبت رحلة الوصول إلى هذه القناعة رحلة ستة آلاف سنة من عمر الحضارة، فنحن الآن ندخل المرحلة الإنسانية، ولن يطول الوقت الذي يكف كل الناس في كل الأرض عن الاقتتال وبأي سلاح إلا المجانين والمرضى النفسيون وبعض من أفلام هوليود التافهة؟ لقد كانت وظيفة الأنبياء في التاريخ تتمحور حول ثلاثة أمور: إنتاج الفرد ببوصلة أخلاقية محكمة الإتقان تعمل بصيانة ذاتية من التوبة والتعبد. ومجتمع يقوم بالعدل يولد فيه الأمن، وتنبجس منه الحريات 12 عينا، قد علم كل أناس مشربهم. وأخيرا إرساء السلام العالمي بإيقاف الحروب، من خلال البناء الذي أقامه إبراهيم بمنزلة للناس وأمنا. استجابة لدعوة سيدنا إبراهيم وعلى نحو توافقي عجيب فقد كرست المادة التاسعة من دستور 1947 سلمية اليابان وتخليها «إلى الأبد» عن الحروب. قال كازومي ماتسوي «على حكومتنا أن تدرك أننا تجنبنا الحروب طوال 69 سنة فقط بفضل الروح المسالمة النبيلة لدستورنا. لقد احتشد عشرات آلاف الأشخاص في هيروشيما لإحياء الذكرى ال 69 لإلقاء أول قنبلة ذرية في التاريخ دمرت هذه المدينة في غرب اليابان، وقد وقف بعض الناجين وذوو الضحايا ورئيس الوزراء (شينزو آبي) ومسؤولون حكوميون ووفود أجنبية دقيقة صمت في الساعة 8.15 في أماكنهم، عندما دق جرس أعطى الإشارة لذلك. في هذه الساعة المنحوسة في 6 أغسطس 1945، ألقت الطائرة الحربية الأمريكية (اينولا غاي) القنبلة التي حولت المدينة جحيما نوويا. ولم تعتذر الولاياتالمتحدة أبدا عن هذا التصرف، ومتى اعتذر المنتصر من المهزوم، بل ومتى كانت الحرب عقلانية؟ ولكن سيأتي ذلك اليوم الذي يعتذر فيه الكل عن الحرب ويتوبوا، وما قادت إليه من تطوير سلاح الشر المطلق. وسبحان من يخرج الشر من الخير، والخير من الشر، فتعالى الله عما يصفون.