أوضحت أميمة محمود عزوز أول رئيسة للجنة مصممات الأزياء في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، أن مشاركتها في تصميم أزياء المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» تمثل المحطة الأهم في مشوارها المهني، وأن الفترة المقبلة ستشهد عدداً كبيراً من العروض المبهرة التي ستكون مفاجأة للمرأة السعودية بشكل خاص والعربية على وجه العموم. وقالت في حوارها مع «الشرق» إنها تشعر بالفخر والسعادة عندما ترى «العباية السعودية» تحولت إلى موضة في مصر ولبنان وعدد من دول الجوار، مؤكدة أن مستقبل الأزياء أكثر إشراقاً في ظل الدعم الذي يجده هذا القطاع من الجهات الحكومية والقطاع الخاص في المملكة. إلى تفاصيل الحوار: بعد تخرجي وحصولي على بكالوريوس اقتصاد فنون إسلامية من جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، قمت بدراسة الأزياء في لندن في جامعة Ual -University of the arts London، التحقت بها وأخذت عدة «كورسات» تهتم بكل ما يتعلق بالتصميم والمصممين، علاوة على أن تصميم الأزياء في حد ذاته موهبة وفن، والدراسة وحدها لا تكفي لصناعة مصممة أزياء ناجحة، بل ينبغي الجمع بين الموهبة والدراسة، والعمل والممارسة، فذلك الذي يزيد من خبرة ونجاح أي مصممة. ولا شك أن تجاربي الناجحة في هذا المجال كانت أحد أسباب اختياري -ولله الحمد- من قبل اللجنة المنظمة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» للمشاركة في تصميم أزياء الفنانين المشاركين في العرس الثقافي والفني السعودي خلال النسخة الأخيرة، ولا شك أن هذه المشاركة إلى جانب العروض المتعددة والتشكيلات المختلفة التي قدمتُها داخل وخارج الوطن كانت السبب الرئيس في صناعة اسمي، وكان وراء الثقة التي حصلت عليها من زميلاتي برئاسة أول لجنة لتصميم الأزياء في الغرف السعودية. الإنسان ابن بيئته، ونحن من نسيج هذا الوطن الغالي، نؤمن بعاداته وتقاليده، وجميعنا تربينا في بيوت محافظة تؤمن بضرورة الاحتشام، لكن المعادلة الرائعة التي تُبرز موهبة أي مصمم أو مصممة أزياء، هي تحقيق الأناقة التي تبحث عنها كل امرأة منذ بزوغ شمس البشرية في ظل الاحتشام الذي تتحلى به، ونحن نعمل في هذا الاتجاه، ندرك أن عروضنا تقتصر على النساء فقط ولا يضايقنا هذا لأنهن الفئة المستهدفة، ومسألة الاحتشام هي مسألة فطرية بالنسبة لنا. والتحدي الأكبر بالنسبة لنا ليس في ذلك، بل في عدم وجود دار عرض للأزياء، لاعتقاد بعض الناس أن ذلك مخالف للقيم والتقاليد، وهم يفسرون هذا الأمر بشكل خاطئ، ونحن حددنا الهدف والآلية من أجل تحقيق رؤية وطنية بحتة في سعودة المنتجات من الملابس ومستلزماتها، ووضعت اللجنة عدة خطط مستقبلية نأمل أن تجد التأييد والتنفيذ، مثل إنشاء مصانع تدار بأيدٍ نسائية، وإنشاء خط إنتاج لملابس الطالبات في جميع المراحل، ومصنع للجلابيات الشرقية والعباءات. اللجنة لم تشكَّل إلا في النصف الثاني من شهر رمضان المبارك، ولم نعقد سوى اجتماع واحد، وقمنا بزيارة ميدانية في أول أسبوعين لإطلاق اللجنة، وكل شيء لا يمكن أن يتغير بضغطة زر، بل يحتاج إلى مشوار طويل من العمل والاستمرارية، ونحن نراهن على عامل الوقت، ورؤيتنا الوطنية تقوم على أساس دعم المنتج الوطني خصوصاً في مجال الأزياء وإزالة كل العقبات أمامه، كي يكون منتجاً منافساً ومرضياً للذوق العام، والمسألة تحتاج إلى زيادة توعية وتثقيف وتعاون جهات عديدة منها وزارة التجارة ومجلس الغرف السعودية، والقطاع الخاص أيضاً، بهدف الحد من استيراد المنتجات المقلدة، وفتح المجال أمام مصممي ومصممات الأزياء والأسر المنتجة لعرض منتجهم في المعارض والبزارات ودعمهم وتوفير وسائل تمويل لهم، فالطريق طويل ونحن مثابرون. بالتأكيد هو عمل رابح.. وإلا ما عملت أنا أو غيري فيه، لكن لا نستطيع أن نحيا أو نتعايش دون دعم الدولة، هذا الدعم ليس شرطاً أن يكون مادياً، لكن يمكن أن يكون معنوياً، فنحن نحتاج إلى قروض ميسَّرة للرائدات الجديدات في قطاع الأزياء، نحتاج إلى أنظمة ولوائح تقيِّد استيراد المنتج الذي يوجد شبيه له في السوق المحلي بنفس الجودة، نحتاج أيضاً إلى تشجيع القطاع الخاص والغرف السعودية، ولا شك أن الخطوة التي أقدمت عليها غرفة جدة برعاية أول لجنة لمصممات الأزياء هو دعم مهم، فهي فتحت الباب أمامنا لطرح كل المعوِّقات التي تواجهنا والبحث عن حلول عملية لها. العروض الحية الخاصة بي تقام أمام السيدات فقط وتسمى «الفاشن شوا» تقام عبر عارضات شرقيات، لكن عندما أستخدم الصور والفيديوهات في المجلات والمواقع الإلكترونية، فإن كثيراً من العائلات السعودية أو العربية المحافظة ترفض أن تترك صورة ابنتها تتداول بين المنتديات أو الصحف وهي تعرض الملابس، لذا أستعين بعارضة أجنبية قد تكون أوروبية أو غيرها، ونحن في النهاية نؤدي عملاً احترافياً نبحث خلاله عن إيصال الرسالة بالصورة الأفضل، ولا أرى في ذلك تناقضاً. أشعر بكثير من الفرحة والسعادة الغامرة عندما أذهب إلى مصر أو لبنان وعديد من الدول المجاورة وأجد العباية السعودية تحولت إلى موضة هناك، وكثير من الفتيات يرتدينها بصورها وأشكالها الجديدة.. فهذا في حد ذاته يعتبر النجاح الحقيقي لنا كمصممات سعوديات. وشخصياً أحرص في تصميماتي أن تكون عباءة المرأة السعودية جذابة للفتيات من الجيل الجديد وتدفعهن إلى اقتنائها وارتدائها خارج الحدود المحلية، وهذا ما يجعلني أهتم بالألوان والأقمشة العملية والتطريزات التي تجذب الفتيات وتجعلهن يرتدين العباءة حتى في سفرهن، ففلسفتي في التصميم تعبِّر عن المرأة السعودية التي تعيش في مجتمع محافظ، وتحرص في الوقت نفسه على أن تبدو بمظهر أنيق ومميز ومحترم يجعلها متمسكة باحتشامها المتمثل في حجابها وعباءتها. هناك بوادر تدعو للتفاؤل والفرح، وهي وجود تخصصات في الكليات والجامعات لهذا القطاع الحيوي والمهم، وحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- تعمل على استثمار طاقات المرأة التي تمثل نصف المجتمع، وتفتح أمامها الباب للمشاركة في قطار التنمية ليكون لها دورها البارز، ومع دخول كثير من النساء في مجال التجارة والصناعة أتوقع أن تكون هناك بنية تحتية حقيقية للأزياء في المستقبل. منذ سنوات وأنا أسعى إلى نشر التراث السعودي ممثلاً في العباءة النسائية عالمياً، وعقب مشاركتي الفترة الماضية في تصميم أزياء الفنانين المشاركين في المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» قدمت عرضي الذي أطلقت عليه اسم «bayah show3» وستكون هناك مفاجآت كثيرة في الفترة المقبلة بمشيئة الله. هناك مجموعة مميزة أعمل على الاستعداد لها سنوياً بخامات الحرير والشيفونات لعدد من الجلابيات والعباءات في الأجواء الفرائحية، لاسيما أننا مقبلون على مناسبات وأفراح، ولديَّ عدد من التصميمات الأنيقة للسهرات والأفراح.