دعاة وفقهاء وشرعيون.. ضباط وإداريون.. خليط من المخلصين اجتمعوا واتفقوا على تأسيس مجموعة عمل تركز جهدها على نزلاء السجون لمساعدتهم على أن يكونوا صالحين. وخلال أشهر قليلة خرجت المجموعة إلى النور باسم «لجنة بصيرة». وهكذا ابتكرت وسائل توعية وتثقيف غير تقليدية في الدعوة والإرشاد.. لجنة أخذت على عاتقها مجموعة من الأهداف اطلعت عليها «الشرق» عبر مسؤوليها. وفي الجانب الآخر.. هناك تفهم واسع، من قبل النزلاء أنفسهم، ورغبة في تلقي ما يقدم من هذه التوعية بأساليب حديثة.. هناك بعض الانتقادات لكنها لا تتجاوز ال 25% حسب استبيان قامت به «بصيرة» للنزلاء.. مطالبات ببرامج رياضية وغيرها، يمكن للجنة مراعاتها لاحقاً، وتنفيذ ما يمكن تنفيذه.. وإن كانت «بصيرة» أول لجنة تعنى بتوعية النزلاء في المملكة، فإن هذا لايعني سوى أنها تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه هذا الهدف الكبير الذي تسعى لتحقيقه وتعميمه على مستوى المملكة. تُعد لجنة «بصيرة» من اللجان الخيرية التي قام على تأسيسها مجموعة من القضاة والمشايخ والمسؤولون ورجال الأعمال بالمنطقة الشرقية منذ ما يقارب ستة أشهر لتكون من اللجان التي تساهم في نشر ورفع مستوى الوعي الديني والثقافي لنزلاء الإصلاحيات، سواء من المواطنين أو المقيمين، وقد جنت ثمارها حالياً بحيث بلغ عدد الذين استفادوا من البرامج التوعوية التي قدمتها اللجنة طيلة هذه المدة بحدود 3950 نزيلاً. كانت بداية الجولة مع مدير «مكتب لجنة بصيرة» أحمد الشهري الذي قال ل «الشرق»: إن اللجنة تُعد أول لجنة في المملكة تستهدف توعية النزلاء الذين هم في السجون، وذلك بأسلوب يتمثل في تقديم المسائل الفقهية التوعوية، وكذلك كيفية تعديل السلوك بما يتناسب مع البيئة والمجتمع الذي يعيشون فيه. وبيَّن الشهري أن عدد النزلاء في سجون المنطقة الشرقية الذين استفادوا من البرامج التي قدمتها اللجنة منذ أن تم تأسيسها قبل ما يقارب من 6 أشهر وصل إلى 3950 نزيلاً، وهؤلاء جميعا استفادوا من كل المحاضرات والبرامج الثقافية والدعوية بالإضافة إلى الترفيهية التي قدمت داخل العنابر وفي ساحات السجن وذلك بشكل يومي. وأضاف الشهري بأن معدل المحاضرات التي تقدم كل شهر هي بحدود 39 محاضرة جميعها ترتكز على كيفية توعية النزيل بمخاطر العودة إلى ممارسة السلوك المنحرف الذي قد يؤدي إلى عودته إلى السجن مره أخرى. مشيراً إلى أن مكتب بصيرة قام بتوزيع ما يقارب من 3460 بين كتيبات ومطويات للتعريف بالإسلام لبعض النزلاء من جنسيات غير عربية توضح فيها محاسن ومبادئ الدين الحنيف، كما أوجد شاشة عرض كبيرة تقدم للنزلاء بعض المحاضرات الدعوية لمجموعة من العلماء والدعاة ممن يعملون في مكتب اللجنة. وقال الشهري: من النشاطات أيضاً تنفيذ عمرة للمفرج عنهم لعدد 45 وأسرهم ومسابقة دعويةل 3000 نزيل. وأضاف: إن اللجنة قامت بعمل استبيان لعدد من السجناء بلغ حوالي 150سجيناً، وذلك لمعرفة مدى رضاهم عن البرامج التي تقدم وبلغت نسبة المقتنعين ببرامج اللجنة حوالي 75% فيما بلغت نسبة الذين يريدون برامج رياضية حوالي 15% وهذا يدل على أن اللجنة تقوم بدورها على أكمل وجه. وتابع الشهري قائلاً: إن أعضاء لجنة بصيرة التي تتكون من 8 أعضاء وجميعهم شخصيات مجتمعية معروفة ورؤساء جهات حكومية ولجان اجتماعية لديهم الاستعداد التام لدعم اللجنة من كل النواحي سواء كانت مادية أو معنوية، وذلك من أجل استمرار عملها في المستقبل. وقال: نرحب بالمتطوعين الذين لديهم الاستعداد للعمل معنا. مشيراً إلى أننا نعاني من نقص في عدد العاملين في اللجنة، حيث يبلغ العدد 10 موظفين، وهؤلاء على الرغم من الضغوط التي يواجهونها إلا أنهم لديهم الاستعداد التام لتفعيل البرامج الدعوية والثقافية للنزلاء. وخلص الشهري إلى القول: إن المكتب حالياً يعمل على برنامج دعوي للنزيلات من النساء سواء كنّ مسلمات، أو غير مسلمات، وذلك لمدة ثلاثة أيام. وقال: هناك خمس من النزيلات تم إقناعهن بالدخول في الدين الإسلامي، وصدرت لهن شهادات بذلك، وتم انخراطهن في برنامج التعريف بأركان الإسلام. وفي سياق آخر قال رئيس مجلس إدارة لجنة بصيرة، ورئيس المحكمة العامة بالخبر المساعد الشيخ عقيل العقيل إن بصيرة تعد من اللجان التي تعمل تحت مظلة وزارة الشؤون الإسلامية، والدعوة والإرشاد ممثلة في فرعها بالمنطقة الشرقية، وبالتعاون المباشر مع المديرية العامة للسجون بالمنطقة الشرقية. وأضاف العقيل: إن المكتب يحرص على تحقيق الأهداف العامة والخاصة التي أُنشئ من أجلها، ومن أهمها دعوة السجناء بالحكمة والموعظة الحسنة، وبذل غاية الجهد في رعايتهم وإصلاحهم وتهذيبهم حتى يخرج من السجن فرداً صالحاً لنفسه ونافعاً لأسرته ومجتمعه ووطنه. وبيَّن العقيل أن المكتب يقوم على إدارته مجموعة من الدعاة والإداريين والضباط المتقاعدين، موضحاً أن جميع العاملين يسعون جاهدين لتحقيق واجب الدعوة إلى الله، وهو أحد الأسس التي قامت عليها هذه البلاد. «الشرق» تواصلت مع عدد من النزلاء عن طريق اللجنة ممن استفادوا من البرامج التي تقدمها، حيث تحدث النزيل محمد في البداية قائلاً: إن بصيرة بالفعل ساهمت كثيراً في تغيير سلوكيات النزلاء، وذلك من واقع وطبيعة الدور الذي يقومون به وهو نشر ثقافة الوعي لدى النزيل، الذي قد يعاني من ضغوطات نفسية ومعنوية ربما قد تعيده مرة أخرى إلى السجن. فيما قال خالد إن البرامج المقدَّمة تحث على إصلاح وتقويم السلوك بالوسائل الممكنة، التي تُشرف عليها مجموعة من المتخصصين في الدعوة والإرشاد مما يقدم لهم من خدمات اجتماعية ونفسية مختلفة، وبالتالي ستساهم هذه في تطوير مهارات النزيل وزيادة خبراته العلمية في المستقبل.