مازال كثير من الأهالي ممن يعيشون في قرى محافظة الأحساء متمسكين بمظاهر الاحتفاء بعيد الفطر المبارك التي توارثوها منذ القدم من حيث كيفية التعبير عن الفرح والسرور بقدوم المناسبة السعيدة، ولعل أبرز هذه العادات التي مازالت قائمة رغم تطور مظاهر الحياة هي خروج كبار السن برفقة الأطفال ممن ينتمون إلى قبيلة واحدة على شكل جماعات مشياً على الأقدام بعد أدائهم صلاة العيد وتناولهم وجبة الإفطار وتحديداً منذ الساعات الأولى لصبيحة أول أيام عيد الفطر لزيارة مجالس أقارب ومعارف آخرين من نفس البلدة للسلام الجماعي عليهم وتقديم التبريكات بهذه المناسبة السعيدة في مشهد ينم عن اللُّحمة والترابط الاجتماعي في وسط أفراد المجتمع. يقول يوسف العلي من بلدة الرميلة في العمران: «رغم تطور مظاهر التواصل الاجتماعي في المجتمع الأحسائي، إلا أن هناك بعض الطقوس التي ما زالت قائمة إلى وقتنا الحالي، ومن هذه العادات هي التزاور بين أفراد الأسرة الواحدة، ومن ثم قيام عدد من كبار السن بعد الانتهاء من تبادل التهنئة فيما بينهم في أحد المجالس بالتوجه لزيارة أعيان ومشائخ الأسر الأخرى ممن يعيشون في نفس بلدتهم، حيث يستقبلونهم بكل حفاوة وتقدير». وبيَّن العلي أن هذه العادة لها أكثر من 40 عاماً ومازال الأهالي في بلدتهم متمسكين بها، وأيضاً تقام نفس الطقوس في عيد الأضحى المبارك حيث تبادر الأسرة التي تمت زيارتها في عيد الفطر بالزيارة وتقديم التهنئة. وأشار العلي إلى أنهم يحاولون المحافظة على هذه العادة لأنها تعتبر من الإرث الذي يقوِّي الترابط فيما بين أفراد المجتمع في البلدة، مبيناً أنهم يريدون إكسابها للأطفال الصغار حتى يسيروا عليها في المستقبل. أما محمد الصالح من بلدة الشعبة فقال: «إن من أبرز المظاهر التي مازال أهالي الشعبة متمسكين بها في يوم العيد منذ أكثر من 10 أعوام هي التقاء مشائخ ووجهاء البلدة بالأهالي، وكذلك الصغار بعد أداء صلاة العيد في المسجد، في أحد المجالس الكبيرة الذي يتم تجهيزه في ليلة العيد لتبادل التهاني والتبريكات بمناسبة العيد». ونوه الصالح إلى أن الجميع يتناولون وجبة الإفطار بشكل جماعي، بحيث يتكفل بهذه الوجبة مجموعة من الشباب بدعم ومتابعة من قبل عدد من أعيان البلدة في مشهد أخوي ينم عن تلاحم المجتمع. وبيَّن علي الحسن من بلدة التوثير أن أبرز مظاهر العيد في بلدته هو انتشار البسطات التي تبيع الألعاب وبعض السكاكر للصغار في أزقة وشوارع البلدة الضيقة، التي يملكها مجموعة من الأطفال، حيث قال إنها تعتبر من المظاهر التي ما زالت قائمة في البلدة منذ أكثر من 15 عاماً، مضيفاً بأن هذه العادة تعتبر من الأشياء المحببة لدى الأطفال في العيد، حيث إن غالبية الأهالي في البلدة خاصة من فئة الشباب والكهول قد مارس هذه العادة في الماضي. وبيَّن الحسن أن مظاهر العيد في القرى تختلف عن المدينة في محافظة الأحساء، والسبب في ذلك هو أن المجتمع القروي تسوده صلة الرحم بحيث ترى غالبية الأسر يوجد بينهم إما صلة قرابة أو نسب، وهذا يؤدي إلى التلاحم الاجتماعي، وتراه واضحاً في المناسبات الاجتماعية.