يطرح الأزواج عديداً من المواضيع للمناقشة لكنهم مع الأسف لم يصلوا إلى حل أو نقطة التقاء. مما يثير زوبعة من الخلافات والمشادات العقيمة التي تزيد حدة المشكلات. إدارة الحوار والمناقشة تحتاج بعض المهارات والإلمام بطريقة الطرح والنقاش، بطريقة موضوعية تعطي كل طرف حقه في التعبير والنقاش دون انتقاص الآخر. بداية أي حوار يحتاج كلا الطرفين إلى أن يحدد ماذا يريد أن يتحدث عنه، أي أن الموضوع الذي سيطرحه لابد أن يعرفه جيدا ويعرف الهدف من هذا الحوار والمناقشة سواء كان احتياجات أو رغبات، أو الإفصاح عن وجهة نظر لموضوع ما. الهدف أن تكون الرؤية لموضوع النقاش واضحة وسلسة في الطرح، وهذا يجعلهما محددين وواضحين ويسهل عملية الحوار والمناقشة وعدم الخروج عن الموضوع المراد طرحه. أثناء عملية طرح الموضوع لابد أن يكون اختيار الوقت المناسب لكلا الطرفين ويكون كلاهما مستعداً لذلك، مع اختيار المكان المناسب بعيداً عن الضجيج أو التشتت، لكي نعطي هذا الحوار خصوصيته وأهميته. مع الأسف أحيانا يخطئ البعض في اختيار الوقت فيكون أحيانا بعد أوقات العمل مباشرة بحيث يكون أحدهما أو كلاهما مرهقاً ومتعباً، والنتيجة تفاقم المشكلة وعدم حلها. ** مهم جدا أثناء الحوار والمناقشة استخدام المفردات والكلمات الجيدة البعيدة عن السخط أو التلفظ السيئ أو الاستهزاء أو العتب واللوم، لابد أن يتذكر الزوجان أنهما ليسا في ساحة معركة؛ لذا فمن الضروري الابتعاد عن العبارات والكلمات القطعية (أبدا، يجب، المفروض) فهي كلمات تدل على الأمر والنهي مما يؤدي إلى فشل الحوار والنفور والابتعاد. أثناء طرح الموضوع أو المشكلة السابقة علينا مراعاة عدم تكرار الحلول القديمة والسابقة، فكثيراً ما يقع بعض الأزواج في تكرار الحلول القديمة التي مع الأسف تعطي نفس النتيجة السلبية أو القاصرة، وهذه إشكالية كبيرة. أغلب ما يؤدي إلى تفاقم المشكلات هو الالتفات للماضي والمشكلات القديمة فنجمع القديم مع الجديد مما يزيد حدة الشعور والغضب والتوتر، فلا يصح أن نجمع مشكلات قديمة مع مشكلات جديدة، هنا يأتي دور الوعي في ترتيب الأولويات، وما هي المواضيع المهمة التي نبدأ فيها ثم ننتقل إلى المواضيع الأقل أهمية. كما علينا الانتباه أنه في العلاقة الزوجية لا يوجد من المخطئ ومن المصيب، الزوجان يتحملان المسؤولية المشتركة بنسب متفاوتة. نلاحظ أن البعض يقع في خطأ كارثي وهو التزام الصمت وعدم المناقشة واللجوء للهروب أو التجاهل، هذه أدوات محطمة وسلبية في العلاقة الزوجية؛ لأنها تؤدي إلى تراكم هذه المشكلات وتراكم المشاعر السلبية التي يصعب فيما بعد حلها. أكثر ما يعيق العلاقة الزوجية هو تراكم هذه المشكلات التي تؤثر في المدى البعيد على مشاعر ونفسية الزوجين. ** استخدام الحوار الهادئ والاستماع الجيد يمهدان لتأمل هذه المشكلات بموضوعية وواقعية بعيداً عن المبالغة والتوتر، ويساعدان على التعرف على جذور المشكلة أو أصل المشكلة، مما يؤدي إلى معرفة الأسباب الحقيقية والمخفية في نشوء هذه الخلافات، ومن أين أتت، ثم إعطاء فرصة لتحليلها بعيدا عن الإسقاط أو الدفاع، ذلك يكون من خلال طرح أسئلة: ما هو دوري في المشكلة؟ كيف كانت ردة فعلي أثناء المشكلة؟ كيف كانت طريقة حواري ومناقشتي؟ عندما يسأل كلا الزوجين هذه الأسئلة سيحصلان على نتائج واقعية توضح دورهما في المشكلة، ويكتشف كلاهما نقاط الضعف أو السلبية لديهما، بعد ذلك يستطيعان وضع الحلول المنطقية والمناسبة لهما، وهنا يجب مراعاة أن تكون خيارات الحلول متنوعة وليس حلاً واحداً فقط، بحيث تكون هذه الحلول مرنة وسهلة التغيير والتطبيق متى ما احتاجا لذلك. ** أغلب المشكلات الزوجية تستمر بسبب تجاهل كل ما ذكرت سابقا، بل البعض يتجاهل أن لديه مشكلة أو يهرب منها عن طريق السفر أو العمل أو الأصدقاء، مما يزيد حدة التوترات النفسية العميقة بين الزوجين فتتحول إلى جفاف عاطفي (انفصال عاطفي) وهو عدو صامت يزحف بهدوء، يتوقع الزوجان أن الأمور تجري طبيعية، فيصبح كلاهما مشغولاً، أو صامتاً، أو لديه الرغبة في الابتعاد عن المكان، أو عدم التحدث، يشعران بتوتر وانزعاج وأحيانا يصل للكره والحقد، حتى يفاجآن بعد سنوات بالوصول للهاوية (الانفصال الجسدي) وهذا يأتي أيضاً تدريجياً. ** مهمة الوعي ضرورية جدا في الإفصاح والتحدث بصراحة ومواجهة المشكلات والمشاعر السلبية، عن طريق الحوار وطرح الاستفسارات وإعطاء مجال للآخر أن يتحدث ويعبر دون قيد أو شرط.. لذا علينا إدراك عدة نقاط مهمة: الالتزام بالحوار الهادئ، تحديد الموضوع والهدف منه، اختيار الوقت المناسب، اختيار المكان المناسب، إعطاء فرصة للآخر للتحدث والتعبير، عدم تراكم المشكلات فترات طويلة، إيجاد عدة حلول مرنة وقابلة للتطبيق والتغيير، عدم إهمال المشاعر الداخلية، تأمل المشكلات ومعرفة دور كل واحد فيها. الإلمام بكل ذلك يختصر عديداً من المشكلات والخلافات، ويجعل الحياة الزوجية متوازنة وناضجة.