أشكر الأخ دعشوش (عفوا المختفي خلف الاسم) عن الأسئلة ال 16 التي عرضها، وكان يمكن أن يختصرها في سؤال واحد، ولكن حسنا فهو سأل عن وزن الضمير؟ وأين يوجد؟ وكيف يقاس؟ وما إلى ذلك؟ أذكر من فيلسوف التنوير (إيمانويل كانط) الذي كنت أقرأ له البارحة، وعثرت على النص الأصلي باللغة الألمانية، وهي جملة طلب أن تنقش على قبره في (كونيسبيرج) التي أصبحت روسية. نص العبارة (شيئان يملآن قلبي بالإعجاب: السماء المرصعة بالنجوم فوق رأسي، والضمير الأخلاقي في قلبي). أذكر جيدا أيضا من الفيلسوف المتصوف (أبو حامد الغزالي) حين وقف أمام (دين الفطرة) حين قال في كتابه (المنقذ من الضلال) رأيت صبيان النصارى نشأتهم على النصرانية، وأبناء اليهود على اليهودية، وأطفال المسلمين على التلقينات فحنَّ قلبي لمعرفة دين الفطرة. هنا انتبه أبو حامد الغزالي إلى (تفكيك) الحديث الذي ينص أن كل مولود يولد على الفطرة، وهو قانون ينطبق على برمجة الأطفال في كل الثقافات والأديان جميعا على برنامج ذهني لا يحيدون عنه في الغالب. لنأخذ نموذجا تطبيقيا من يقاتل في جبهة داعش أو النصرة أو حزب الله وعصائب الحق العراقية، لو ولد أحدهم في بيئة مغايرة، لكان يقاتل في الصف المقابل؟ أليست نكتة لا تضحك؟. هنا نتذكر الآية المكررة: اهبطوا بعضكم لبعض عدو. تأمل الآية جيدا. ليس الكل للكل عدو كما افترض الفيلسوف (هوبز) في كتابه الوحش ودافع الموت في حركة الحياة. لنتذكر كراهية الفرنسيين والألمان بعضهم بعضا وكيف تحاربوا ثم أصبحوا بنعمة الاتحاد الأوربي إخوانا. دعونا نستحضر الآية من سورة آل عمران: إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها (104). هذا أمر خطير يشرح معنى البرمجة. الضمير إذا يا صديقي المختفي خلف لقب دعشوش هي تلك النار المقدسة الداخلية في صدر كل واحد منا لا تقاس بميزان ولا يعدلها ذهب وفضة وألماس ومرجان. علينا أيضا أن نتذكر آيتين عظيمتي الشأن من سورة الأعراف (172 173) في آخرها، أن الرب أخذ من ظهور بني آدم (ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين. أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون؟) متى ينكشف الغطاء عن هذه النار المقدسة داخلنا فنرجع إلى حقيقة الفطرة ويستيقظ الضمير؟ ربما في مواجهة الموت؟ كان ماوتسي دونج حين يعرض خصومه للموت يقول أنا أتحفكم بأفضل لحظة في حياتكم تستيقظون فيها من كل خمول؟ ولكن لم يكن يحب أن يدخل فيها هو نفسه حتى مد ملك الموت إليه يده وقال أخرجوا أنفسكم؟ لحظة مواجهة الموت كما حصل مع فرعون فآمن في الوقت الضائع وكما سوف يحصل مع بشار الكيماوي فيقول هل إلى مرد من سبيل.