يرتكن الروائي عبده خال لقصص البسطاء والحائرين ويرتهن إلى أسلوب روائي فريد جعله يتخطى الصفوف لينال «البوكر» بروايته الشهيرة «ترمي بشرر»، ينكص خال كثيرا لقصص الليل المظلم وحكايات المداد منذ أن هاجر صغيرا من قريته الصغيرة «المجنة» في جازان وهو طفل يحمل في ذاكرته الصغيرة قصص «الموتى» بسبب المرض وهم يتراصون في المقابر، وذهب إلى جدة ليعلن معها فصلا آخر من العذابات التي يرويها خال على طريقته «السياسية» بعد أن توغل في العلوم السياسية طالبا ولكن «سياسيته الروائية والقصصية» جعلته يبحر في روايات «الأوغاد يضحكون» و«الموت يمر من هنا» واستشهد بالبيئة كثيرا وفي الأماكن التي قال عنها ذات يوم «إنها كالخلايا في الجسد» فأخرج رواياته «لوعة الغواية» و«الطين» بلغة «الأماكن».. ولأنه يمزج ما بين فلسفته الروائية ورحم المعاناة فقد آثر أن يعيش في «حي الهنداوية» الذي يسير فيه متنقلا بين البسطاء واضعا سر «البوكر» في أزقة الحي الشعبي وفي ذاكرة الزمان الذي نقله من جازانلجدة باحثا عن «علم» و«عمل» ناكصا إلى بداياته التي دائما ما كان يختم بها نهايات فصول الروايات والقصص.. ولأنه مسكون بحب المنطق فقد ترك كلية الهندسة عندما بدأ دراسته فيها لأنه اعترف أنه لا نجاح لطالب هندسة يقضي ليله في كتابة خواطر الغزل وخطط الروايات وأنين الذكريات فتحول للعلوم السياسية واصفا ذلك أنه من «غباء الطبقة البسيطة» ولكنه برمج بعد ذلك «تفوق الطبقة البسيطة» على التخصص وامتزاجها بالتميز والانفراد إذا ما جمعت هذه الطبقة «تفاصيل الطموح وتفصيلات المعاناة» وقد جناها «عبده خال» روائيا وقاصا وكاتبا وقبلها إنسانا يروي عذابات الناس بعيدا عن المقامات فترك قلم الرصاص في الهندسة ليستبدله بقلم أزرق لرواية الإنسان وآخر أخضر لقصة التفاؤل وثالث أسود ليسرد إيحاءات الموت وأحمر ليبلور شخصيات رواياته ما بين الذنب والخطيئة والإنسان والغفران. لتتزاحم دور النشر العالمية على ترجمة قصص «القبر» و«رشيد الحيدري» و«ماذا قال القميري» وينال البوكر ويقتنصها برائعته «ترمي بشرر» ليعلن حينها وفق ما قيل عنه «إنه سفير الإبداع» ولينقل للروائيين منهاجا جديدا في مزج الحياة بالرواية وأن الثقافة والأدب جزء من الحياة وأن الإنسان بمختلف أمزجته وتجاربه وإيحاءاته وإيماءاته «بيئة للرواية والقصة والثقافة المبنية على التجربة المرتهنة للبدايات المرتكنة للنهايات».