تلتقي ألمانيا مع الأرجنتين اليوم الأحد في نهائي مونديال البرازيل 2014 لكرة القدم على ملعب «ماراكانا» في ريو دي جانيرو. ستكون المواجهة الثالثة بينهما على التوالي في كأس العالم بعد 2006 و2010 والسابعة بينهما في المسابقة الكبرى بعد 1958 و1966 و1986 و1990و2006 و2010. جرت المباراة النهائية لمونديال المكسيك 1986 على ملعب أزتيكا في العاصمة مكسيكو أمام 110 آلاف متفرج. بعد أن سجل هدفين في ربع النهائي ضد إنجلترا أحدهما بيده والثاني اعتبر الأجمل في تاريخ نهائيات كأس العالم، ثم هدفين آخرين في نصف النهائي ضد بلجيكا بمنتهى الروعة أيضا، لم يعد أمام دييجو أرماندو مارادونا سوى إحراز اللقب ليكون ختامها مسكا. وضع مدرب ألمانيا آنذاك القيصر فرانتس بكنباور خطة محكمة لمراقبة مارادونا وأوكل إلى لوثار ماتيوس أن يبقى إلى جانبه كظله. وقام ماتيوس بواجبه على أكمل وجه في الدقائق العشرين الأولى وساعده في مهمته قلب الدفاع كارل هاينتس فورستر. وبالفعل لم يسجل مارادونا الهدف الأول ولم يمرر حتى الكرة التي جاء منها. وافتتح التسجيل المدافع خوسيه لويس براون عندما استغل الكرة التي رفعها خورخي بوروتشاغا من ركلة حرة من الجهة اليمنى أخطأ الحارس الألماني هارالد شوماخر في تقديرها (23). وفي الدقيقة 56 تمكن مارادونا من الإفلات من الرقابة ومرر كرة أمامية رائعة باتجاه خورخي فالدانو الذي انفرد بشوماخر وأودع الكرة زاحفة بذكاء إلى يساره مسجلا الهدف الثاني ليمهد الطريق أمام بلاده نحو اللقب. ومال الفريق الأرجنتيني إلى الدفاع للمحافظة على النتيجة مفسحا في المجال أمام المنتخب الألماني للهجوم. لكن الألمان الذين لا يستسلمون بسهولة نجحوا أولا في تقليص الفارق عندما رفع بريمه ركلة ركنية داخل المنطقة مررها رودي فولر برأسه باتجاه رومينيغه فسجل الأخير من مسافة قريبة قبل نهاية المباراة بربع ساعة ليعيد الأمل إلى منتخب بلاده. وبعد 9 دقائق تكرر السيناريو نفسه، حيث رفع بريمه كرة من ركلة ركنية أيضا وتطاول لها توماس برتولد برأسه باتجاه فولر الذي غمزها برأسه أيضا داخل الشباك مدركا التعادل. ولم ينل الهدف الألماني الثاني من عزيمة الأرجنتينيين ونجح مارادونا في الاستدارة على نفسه في وسط الملعب قبل أن يلمح بوروتشاغا فمرر إليه كرة رائعة كسر فيها الأخير مصيدة التسلل وانفرد بالحارس الألماني ليسجل الهدف الثالث لمنتخب بلاده قبل نهاية المباراة بست دقائق. وهكذا استرجعت الأرجنتين الكأس التي فقدتها عام 1982 عن جدارة، بعدما لعبت 7 مباريات فازت في 6 منها وتعادلت في واحدة وتسلم مارادونا الكأس من رئيس الاتحاد الدولي جواو هافيلانج وطاف بها في أرجاء الملعب. نجحت الأرجنتين في بلوغ المباراة النهائية في مونديال إيطاليا 1990 للنسخة الثانية على التوالي بتغلبها على إيطاليا بركلات الترجيح وحققت حلم شعب بأكمله، بيد أنها كانت مضطرة إلى خوض النهائي دون أربعة لاعبين أساسيين بسبب الإيقاف هم جيوستي وأولارتيكويتشيا وكانيجيا وباتيستا. ولم يكن أداء الأرجنتين مقنعا خلال البطولة وسجلت 5 أهداف فقط في طريقها إلى النهائي. وكان مدربها كارلوس بيلاردو يدرك جيدا أنه لا يملك الأوراق الكاملة للتغلب على ألمانيا، وقال «اللعب سيتركز في وسط الملعب، صفوفنا ناقصة وهو ما يرجح كفة الألمان»، فيما اعتبر نجم الأرجنتين بوروتشاغا «أنها ضربة قاضية لأن أولارتيكويتشيا وجيوستي ضروريان في وسط الملعب، وكانيجيا في خط الهجوم». وكان أمل المانيا وقائدها لوثار ماتيوس في ربيعه التاسع والعشرين محو آثار خيبة فشل نهائي 1982 أمام إيطاليا و1986 أمام الأرجنتين بالذات، فكانت المباراة ثأرية بالنسبة لهم. وأمام الاندفاع الهجومي للألمان بقيادة الثلاثي كلينسمان وليتبارسكي وفولر اضطر بيلاردو إلى اللعب بمهاجم واحد هو ديزوتي، وزادت مهمة الأرجنتين صعوبة بعدما طرد الحكم المكسيكي ادغاردو كوديسال المدافع مونزون في الدقيقة 65 بعد 20 دقيقة من نزوله مكان سنسيني، وذلك بمخاشنته كلينسمان. وكانت البطاقة الحمراء الأولى التي تشهر في مباراة نهائية لكأس العالم. وأثمر الضغط الالماني ركلة جزاء مشكوك في صحتها عندما مرر ماتيوس كرة بينية إلى فولر الذي توغل وسقط داخل المنطقة بعد احتكاك مع المدافع سيريزويلا احتج عليها الأرجنتينيون مدة طويلة دون نتيجة فانبرى لها بريمه بنجاح. وتلقت الأرجنتين ضربة موجعة ثانية في الوقت الذي كانت بحاجة إلى البحث عن التعادل حيث طرد ديزوتي في الدقيقة 87 لتلقيه الإنذار الثاني، وتلقى مارادونا إنذارا بدوره. ونجحت ألمانيا في إحراز اللقب للمرة الثالثة . كما نجح بكنباور في إحراز الكأس العالمية للمرة الثانية بعد الأولى كلاعب عام 1974. تخطت ألمانيا التوقعات في 2006 عندما تأهلت إلى نصف النهائي على أرضها، إذ قلبت تخلفها أمام الأرجنتين إلى فوز على فريق المدرب خوسيه بيكرمان الذي عج بالنجوم. هز روبرتو ايالا الشباك للمنتخب الأمريكي الجنوبي بكرة رأسية في الدقيقة 49، لكن الهداف الدائم في كأس العالم ميروسلاف كلوزه عادل قبل 10 دقائق على انتهاء الوقت الأصلي. تابعت ألمانيا تألقها في ركلات الترجيح وسجلت أربعة أهداف من أصل أربع تسديدات وصد الحارس ينس ليمان كرتي ايالا واستيبان كامبياسو، وسط بكاء الأرجنتيين بعد مطالبتهم الحكم السلوفاكي لوبوش بركلتي جزاء. 120 دقيقة كانت أشبه برحلة العذاب للمنتخبين اللذين خاضا مواجهة دور الثمانية وسط تحد كبير وثأر قديم بينهما. أكد المنتخب الألماني بحلته الشابة أن فوزه الكاسح على إنجلترا (4-1) في الدور الثاني من مونديال جنوب إفريقيا 2010 لم يكن وليد الصدفة لأنه لقن نظيره الأرجنتيني درسا قاسيا وبلغ نصف النهائي للمرة الثانية عشرة في تاريخه (رقم قياسي) بالفوز عليه 4-0 على ملعب «غرين بوينت» في كايب تاون في ربع نهائي مونديال جنوب إفريقيا 2010. ويدين «مانشافت» بفوزه الكاسح إلى الثلاثي توماس مولر وميروسلاف كلوزه (هدفان) وارنه فريدريش الذين سجلوا الأهداف الأربعة. والنقطة السلبية الوحيدة التي خرج بها الألمان من المواجهة افتقادهم خدمات مولر في مباراة نصف النهائي أمام إسبانيا. وحرم رجال المدرب يواكيم لوف الأرجنتينيين من بلوغ دور الأربعة للمرة الأولى منذ 20 عاما وألحقوا بهم هزيمتهم الأولى في نسخة 2010 بعد أن حققوا أربعة انتصارات متتالية. آخر مواجهة بين الطرفين كانت ودية في فرانكفورت وانتهت بفوز الأرجنتين 3-1 بعد أن لعبت ألمانيا نصف ساعة بعشرة لاعبين إثر طرد الحارس رون روبرت تسيلر لعرقلة خوسيه سوسا. أنقذ الحارس مارك-اندريه تير شتيغن ركلة جزاء ليونيل ميسي (الذي سيكون زميله الجديد في برشلونة الإسباني)، لكن أفضل لاعب في العالم آنذاك عوض بعد أن سجل سامي خضيرة هدفا في مرماه عن طريق الخطأ (45)، إن وضع اللاعب الموهوب فريقه في المقدمة مطلع الشوط الثاني قبل أن يقضي انخل دي ماريا على آمال الألمان (73) الذين قلص لهم بينيديكت هوفيديس النتيجة قبل تسع دقائق على النهاية بعد تلاعب جميل بالدفاع من قبل ماريو غوتسه.