لو انتصرت «داعش» -لا سمح الله- وأعادت الخلافة الإسلامية، وقامت بكتابة التاريخ، باعتبار أن المنتصر هو من يكتبه، فسيكون أمام أحفادنا العرب والمسلمين تاريخ «إسلاموي» مزيّف بالأساطير والأبطال والأصنام! وبالمقابل سيكون لدى الغرب تاريخ آخر يشبه التاريخ الصليبي الذي كتبه المبشرون قبل بضعة قرون، حيث سيبنون علاقتهم معنا على أساس أن الحروب الصليبية مازالت وستظل قائمة، فضلاً عن الحروب الطائفية والأهلية التي تذكي حياتهم الاقتصادية بمزيد من أطواق النجاة. وليس خطاب بوش الابن بُعَيد أحداث 11 سبتمبر بغائب عن ذاكرتنا. إذاً، ماذا لو تمدد الدواعش عربياً، وتجاوزوا سوريا والعراق، وهيمنوا على مكتسباتنا الإنسانية، وفنوننا، وأغانينا، وآدابنا، وأشعارنا، وفلكلوراتنا، وتنوعنا المذهبي والإثني؟ ماذا لو حصل ذلك؟ أكاد أجزم بأنه -وبعد زمن قصير- سيتحوّل هذا التاريخ الدموي لحُقَنٍ تُلقّن به عقول أحفادنا يومياً في المناهج المدرسية على أساس أنه سِيَرٌ من البطولة والنضال، ثم سيحشونهم بأن هذا الخلف كان لخير سلف، وسيضعون بين أيديهم البوصلة النهائية لخارطة الطريق التي لا يفترض أن يتحسسوا سواها ليصلوا إلى جزيرة «الفرقة الناجية» من بين 7 مليارات بشري يعيشون على سطح الكرة الأرضية. وهكذا سيعيد التاريخ نفسه. أعرف أن هذا السيناريو مظلم وفوضوي وبعيد، ولكنه احتمال ممكن إذا ما تصوّرنا وجوده على الطاولة بصحبة فئة دموية منغلقة، تؤصل الدين على مقاسها، فلا ترى فيه إلا قطع الرؤس، ولوك الأكباد، وسبي النساء، والفتوحات، والموت في سبيل إحياء «الإسلام» الذي يتوهمون أنهم الوحيدون الخلفاء عليه، والحراس لبوابته. بينما هو منهم بريء. شئنا أم أبينا، نحن –الآن- نعيش في منعطف تاريخي في غاية الخطورة، وإن لم نتعامل معه بكل أدواتنا الحضارية والإنسانية فسنجد أنفسنا نذرف الدموع أمام حائط المبكى!