مع رفع مندوبي روسيا والصين يدَيهما في مجلس الأمن اعتراضاً على قرار يؤيد خطة السلام العربية بشأن سوريا، بدا كأن ضوءاً أخضر مُنح لنظام الأسد ليطلق كل وحشيته، مستهدفاً الرجال والأطفال والشيوخ وحتى الحجارة في مختلف أنحاء سوريا. ومع الفيتو الذي فهمه العالم على أنه حماية روسية صينية لنظام دمشق من غضب المجتمع الدولي، انطلقت آلة القتل من عقالها في سوريا لتشن هجوماً عسكرياً على مدن البلاد، وليتحوَّل الجيش الذي كان السوريون يغنون له صباح كل يوم بأنه “حامي الديار” في صدر نشيدهم الوطني إلى هادم للديار فوق رؤوس ساكنيها. إن الصور والأخبار المتتابعة من سوريا بشكل عام، ومن حمص وحيِّها المنكوب (بابا عمرو) بشكل خاص تنقل مذبحة تُرتكب بحجة الحفاظ على الاستقرار، وعلى يد جيش البلاد مؤصلة لعداء تاريخي بين الشعب وجيشه الوطني، وزراعة فتنة طائفية ستحرق البلاد، بقي الأسد على رأس نظام الحكم فيها أو رحل. ومنذ اليوم الأول للثورة السورية ضد نظام بشار الأسد والأصوات تتعالى محذرة من سقوط البلاد في الفتنة الطائفية، لكن “لا حياة لمن تنادي”، فالنظام بقي يهاجم معتمداً على قاعدته الطائفية، والطائفة العلوية في سوريا غرقت في قمع الثورة حتى أذنيها، والوجود الإيراني السري أصبح ظاهراً للعيان بمشاركتها في قمع المتظاهرين، أما الدعم العلني من حزب الله لنظام بشار الأسد، فهو بدأ منذ اليوم الأول ولم يتوقف أبداً حيث أعلنه الأمين العام للحزب في كل خطاب له منذ بدء الثورة في سوريا. ولابد من التأكيد هنا على أن الثورة التي كانت لإزاحة النظام سابقاً، تحوَّلت إلى غضب يطلب الثأر من النظام وأتباعه وطائفته، وهو ما يستدعي تدخلاً عاجلاً يمنع امتداد هذه الفتنة التي قرر نظام الأسد زرعها والرهان عليها للبقاء غير مبالٍ بما قد يحدث مستقبلاً. إن فشل العالم في إدانة نظام دمشق يجب ألاَّ يكون مبرراً وبأي شكل للتوقف عن الجهد المتواصل لوقف مذابح النظام هناك، والسعي الدؤوب لاحتواء فتنة بدأت تطل برأسها أو أصبحت حاضرة فعلاً، ولن تتوقف أبداً داخل حدود سوريا، بل بدأت بوادرها تظهر في لبنان، وستنتقل من بعدها إلى العراق وربما تشعل المنطقة بأكملها، أما من يدعم نظام الأسد خاصة في المحيط الإقليمي فهو شريك في زراعة هذه الفتنة التي لن ترحمه قبل غيره حال اشتعالها.