لاحظ كثيرون، خصوصاً من سكان المنطقة الشرقية، حالة غير مسبوقة من التكدس على جسر البحرين، وصل بها طابور السيارات إلى ما بعد الجزيرة إلى بضعة كيلومترات على الجسر نفسه، وذلك في أول أسبوع من الإجازة بعد اختبارات الفصل الدراسي الثاني. والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا هذا النفير بهذه الدرجة التي تجعلك تشك بأنهم لاجئون هربوا من حرب ضروس خلفهم. ودون شك أن أحد أهم أسباب هذا النفير، هو مستوى الحرية الذي يوجد في البحرين مقارنة بالمستوى في المملكة. ولا نعني هنا بمستوى الحرية تلك الحرية غير المنضبطة بالضوابط الإسلامية، وإنما السياحة العائلية التي تقوم بها كثير من العائلات القادمة من المملكة والقائمة على قصد أسواق البحرين الحديثة وقضاء يوم عائلي كامل بين بعض جزر البحرين، أو التسوق، والأكل في المطاعم، ومشاهدة بعض الأفلام السينمائية. والملاحظ أنه كلما مر الوقت، كلما ازداد الزحام على البحرين، وكلما ازدادت طوابير القاصدين لهذا البلد الشقيق. وعلى الرغم من ازدياد الازدحام، وتكدس السيارات بشكل مزعج للمسافرين، إلا أن الخطوات التي قامت بها جوازات البلدين والجمارك تبدو بطيئة وغير متواكبة مع هذه الحشود. وسأحاول هنا اقتراح بعض الحلول التي من شأنها أن تساهم في تخفيف هذا الزحام المهول. أولاً، الكل يعلم ما يربط البلدين، المملكة والبحرين، من أواصر شديدة الوثاق، من جميع النواحي السياسية والثقافية والاجتماعية. وعلى هذا، فليس هناك سبب مقنع لأن تمر كل سيارة بجوازات الدولة الأولى للخروج ثم جوازات الدولة الثانية للدخول، ثم الجمارك. لماذا لا يكون هناك نظام يربط الدولتين، في جهاز واحد، بحيث يسجل العابر خروجه من هذه الدولة ودخول الدولة الثانية بضغطة زر واحدة. أما من حيث الجمارك، فالأصل أن كل المحظورات، من المخدرات، والأسلحة محظورة بين المملكة والبحرين، وعلى هذا، فيكفي فحص البضائع والسيارات القادمة لمنافذ البلدين، من دول أخرى. أما السير بين البلدين، فينبغي أن يكون كالسير في بلد واحد. يستثنى من هذا، بطبيعة الحال، المشروبات الكحولية، المتاحة في البحرين والممنوعة في المملكة، ويمكن حل هذا بفحص جمركي سريع للخارجين من البحرين إلى المملكة حول هذه القضية وحسب. هناك وسيلة أخرى تتعجب من أنها لا تزال غير مستخدمة للتنقل بين البلدين، وهي العبَّارات البحرية. الذين سافروا لبعض دول العالم، يلاحظون أن العبَّارات البحرية من أكثر وسائل النقل المستخدمة للتنقل عبر الخلجان والمضيقات البحرية الصغيرة وبين الجزر. وتتراوح مساحات هذه العبَّارات ، من عبارات تنقل ركاباً وحسب، إلى بعض العبارات التي تنقل الركاب وسياراتهم معهم، كتلك التي في تركيا «جزيرة بورصة على سبيل المثال». عبر هذه الوسيلة، يمكن نقل عشرات الآلاف من الركاب يومياً دون الاضطرار إلى انتظار تلك الساعات التي يمضيها العابرون عبر جسر الملك فهد. كما أن هذه العبارات تتميز بأنها غالباً ما تكون ذات أسعار رمزية وسريعة إلى درجة معقولة، وتحتوي على مطاعم، وجلسات استراحة، إضافة إلى أنها بطبيعتها رحلة بحرية تتيح للعابر الوقوف على البحر في الهواء الطلق لو أراد ذلك. وما قلناه عن البحرين، ينطبق تماماً على الإمارات التي بدأت في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد ثورات الربيع العربي، تشهد زحاماً غير مسبوق من العائلات السعودية هناك. ما يربط المملكة بالبحرين هو ذات الوشائج الذي يربطها بالإمارات، وأعتقد أن هذه الدول، إضافة إلى الكويت، يمكن أن تشكل نواة صلبة ومثالاً جاذباً لبقية دول الخليج فيما لو حدث هناك مزيد من الوحدة والترابط عبر تسهيل في مسألة التنقل بينها. ومحصلة القول إن هذا الترابط السياسي الوثيق بين هذه الدول، لابد أن ينعكس بشكل واضح على التنقل بينها، ليشعر سكان الخليج، بتطبيق هذه الصلات الثقافية والسياسية على أرض الواقع، وأنهم أشبه ما يكونون في دولة كونفيدرالية لا عدة دول متفرقة. نقترح هذا الشكل المبدئي من التواصل بين دول تربطها وحدة اللغة والدين والمصالح السياسية، ونحن نرى 26 دولة أوروبية، بلغات مختلفة وثقافات متعددة ألغت الجوازات والجمارك بين حدودها ويمكن أن تجوبها بفيزة واحدة، دون التوقف لدى أي حد من حدود الدول الأعضاء.