هبط التدين المفاجئ على إيران بصورة لافتة في 9 من إبريل عام 2003م حتى أصبحت معنية كما تزعم بحماية كل مرقد شيعي في العالم العربي، أو بالأحرى تحويله إلى مسمار جحا، ولذلك لم يعد غريباً أن تجد إيرانياً من الحرس الثوري عند كل مرقد، أو مشكلة سياسية تفتعلها كي تتدخل في هذا البلد العربي أو ذاك!! حجة الإيرانيين الأولى ومعهم حسن نصر الله في دخول سوريا هي حماية المراقد المقدسة، وكنا سنصدقهم لو أنهم تفرغوا لحماية تلك المراقد فعلاً كما يزعمون ولم يساهموا في قتل السوريين في أكثر من مدينة خالية من المراقد، وها هو الأمر يتكرر أيضاً في العراق كما صرّح بذلك السيد حسن روحاني «مستعدون لحماية المراقد».. يا عيني! طبعاً المراقد المقدسة محترمة ومحمية منذ مئات السنين ولم نسمع أن أحداً تعرض لها بأذى في أي مكان فالسنة يحمونها قبل الشيعة؛ لكن عندما جاءت إيران بدأت تحاول لفت أنظار الناس إلى أهمية المحافظة عليها كي توهم البسطاء أن غايتها في التمدد هو ديني فاضل لا سياسي بحت كما يقول واقعها منذ 30 سنة. بعض الناس شربوا هذا المقلب، وصدقوا إيران في كذبتها تلك، ولذلك تحولوا إلى منفذين أغبياء لكل ما تريده منهم ضد بلدانهم الأصلية، وها أنتم ترون الطائفية كيف انتشرت منذ مجيء الملالي بشكل مريع، وبطريقة فارقة جداً عمّا كان قبلهم وما هو بعدهم.. لكن طالما أن حجتها في كل بلد عربي هي حماية المراقد المقدسة؛ فهل ستترك إيران هذه البلدان لو كانت خالية من المراقد؟ بالطبع لا؛ بدليل أنها تصنع ميليشيات موالية لها في مدن خالية تماماً من المراقد، وأعتقد أن الوضع السوري شاهد على ذلك لمن له عقل، وما أقلهم في زمن الطائفية!! المفارقة أن الجميع يدركون أن الإنسان أكرم وأقدس من أي مرقد، ومع ذلك يسيرون عكس الاتجاه، وبدرجات مذهلة من التخلف.. فهل سيفنى هذا العالم العربي تحت ذريعة حماية مراقد الموتى؟ فتشوا عن السياسة رجاء، ولا تظلموا المراقد وأهلها؛ فقد رحلوا متصالحين مع بعضهم، وتركونا نتصارع على تاريخهم وأيهم يمثلنا وأقرب منا؟ وتأكدوا أنهم لو كانوا أحياء لأعلنوا براءتهم من هذا الزيف والضلال الذي نعيشه!!