يجمع حي قزاز الشعبي، وسط الدمام، بين مشهدين متنافرين، يلفتان النظر إليهما؛ في المشهد الأول يظهر باعة جائلون، أغلبهم مخالفون لأنظمة العمل والعمال، يعرضون عشرات الأصناف من الخضراوات والفواكه بأسعار «مرضية»، لزبائنهم من جميع الجنسيات، وعلى بُعد أمتار، يبدو في المشهد الثاني، باعة نظاميون، يستأجرون محلات من أمانة المنطقة الشرقية، يبيعون فيها الخضراوات والفواكه، ولكن لا يجدون زبائن لبضاعتهم الراكدة، فيغلقون أبواب محلاتهم مع غروب الشمس، ويذهبون إلى حال سبيلهم. ويعبر عبدالرحمن الحسني عن اطمئنانه لمنظر الباعة الجائلين الواقفين أمام المسجد صباح مساء، وهم يتنافسون فيما بينهم لجذب الزبائن والترحاب بهم بطرق مختلفة، ينادونهم بأسماء وكنيات محببة إليهم، مثل «أبو عبدالله»، و «أبو محمد» للسعوديين، و «يا باشا»، و «يا زول» و «يا زلمة» للمصريين والسودانيين والشاميين على التوالي. ويقول الحسني: «أعرف أن هؤلاء الباعة مخالفون لأنظمة العمل في السعودية، وأعرف أنهم ينافسون الباعة السعوديين في لقمة عيشهم، ولكن لا أجد مفراً من التعامل معهم، لأنهم يمتلكون السلع الرخيصة والأسلوب الأمثل لجذب الزبائن»، مضيفاً «محلات الأمانة التي تؤجرها للمواطنين في حي قزاز ليست جذابة بالمرة، وأسعارها مرتفعة للغاية، رغم أن بضاعتها ليست طازجة، والباعة فيها يرفضون تخفيض أسعارهم، وكأنهم لا يريدون البيع». ويضيف «الباعة الجائلون غير ملتزمين بدفع إيجارات أو سداد فواتير الخدمات كما هو الحال بالنسبة لأصحاب المحلات، ولكن المستهلك يبحث عن السلعة الأرخص، ولا ينظر لهذه الأمور». ويستشف المواطن عبدالله النهدي الأسعار التي سيكون عليها شهر رمضان، ويقول: «توفر الخضراوات والفواكه في الأسواق بأسعار معقولة، من أهم أمنيات المستهلك في الشهر الفضيل، وحتى هذه اللحظة، أستطيع التأكيد بأن الأسعار ستكون مرضية للمستهلكين كافة خلال الشهر، إلا لو حدث نقص مفاجئ في صنف ما، فسيرتفع سعره»، مشيراً إلى أنه يؤمن احتياجاته من الخضراوات والفواكه من الباعة الجائلين، وليس من مراكز التجزئة، لأن أسعار الباعة تقل بنسبة 30 % على الأقل». وتحرص عائلات على تأمين احتياجاتها من السلع الغذائية، التي تستهلكها في الأسبوع الأول من شهر رمضان، متوقعين أن تشهد ارتفاعاً كبيراً في الأيام الأخيرة من شهر شعبان الجاري، ويؤكدون أن هذا الارتفاع عادة سنوية تحدث كل عام، بسبب تعمد تجار احتكار السلع الرمضانية، وتعطيش الأسواق منها لبيعها بأسعار تحقق لهم ربحاً وفيراً».