طالما سمعنا عن فتنة النساء والتحذير من ذلك، بلغة وأسلوب يخال سامعه بأن شرا قد كمن في هؤلاء النسوة، وريبة قد ملئن بها، فيتبادر إلى الذهن ويتسابق إلى الفهم عند ذكر فتنة النساء الصورة المرسومة سلفا في أذهان السامعين ومخيلة المتلقين من شر وريبة! والنساء لا شك فتنة، لكن ليس بذلك التصور المشوه، ولا المزاعم الموهومة الشريرة، وإنما «فتنة» بمعنى أن يتقي الله الرجال فيهن، فيعرفوا حقهن و قدرهن والواجب لهن ويستوصوا بهن خيرا، «إنما أموالكم وأولادكم فتنة» فهل الأموال والأولاد ريبة وشر لكونها فتنة فحسب. أم أن ذلك توجيه لأن تراعي حق الله في المال فتنفقه فيما يحب، وتسخره حيث أراد، وأن تحسن تربية الولد لكي لا يراه الله إلا حيث يحب سبحانه، وكذا النساء فاتق الله فيهن وإن لم تفعل فقد أثمت و أصابتك الفتنة. فكما يبتلي اللهُ بالشر فهو يبتلي بالخير، وما النساء والأموال والأولاد إلا خيرات فتنّ بها. يقول الله تعالى على لسان نبيه موسى عليه السلام: «إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء»، فالفتنة هي الفتنة، من قام بما يجب عليه تجاهها نجاواهتدى، ومن تقاعس وقصر ونكص على عقبيه ناله عاقبة ذلك، فكان عاقبة أمره خسرا. إن النظرة إلى فتنة النساء بهذا المفهوم تدعو إلى النظر إليهن على أنهن أبواب خير لا بؤر شر، ومفاتيح جنان لا خيال شيطان، يقدن إلى رضى الرحمن، ومراتع الجنان. سلطان عبد الله الرشيد جدة