أتى إطلاق اسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على فرع تنظيم القاعدة في العراق بعد انطلاق الثورة السورية وبعد بدء تقدم الثوار عسكريا في جميع المناطق، على حساب قوات الأسد. أما في العراق، فتزامن هذا التحول في وقت كانت اعتصامات الشباب في ساحات مدن الأنبار ترفع شعارات ضد حكومة العراق التي يترأسها نوري المالكي، وطالبت بإلغاء القوانين الجائرة بحق سكان العراق السّنة، وإطلاق سراح المعتقلين، وتطورت هذه الشعارات لتصل إلى إسقاط حكومته. وبات واضحا أن التطورات السياسية والعسكرية في سورياوالعراق تتسم بتناغم إيقاعاتها، فالنظام السوري سلّم تنظيم «داعش» بعض المناطق والمدن في شمال شرق سوريا من حلب إلى الحدود مع العراق، ليشكل نموذج التطرف والإرهاب لدولة تزعم أنها إسلامية. أما في العراق، حيث يتمتع هذا التنظيم بحرية الحركة، يهاجم المدن والمحافظات، ويسيطر عليها، فيما قوات المالكي المدججة بالسلاح تغادر مواقعها بهدوء ودون إطلاق الرصاص متخلية عن أسلحتها وعتادها الثقيل لهذا التنظيم الذي بدا وكأنه جيشٌ غازٍ، كما وصفه أحد ساسة العراق. فهذا التنظيم الذي أشارت كثير من المعلومات واعترافاتُ قادةٍ منه أن إيران هي من تقف وراءه وتحركه في الاتجاه الذي يخدم مصالحها في محاولة لإعادة تشكيل دول المنطقة على أساس طائفي، وتدفع بهذا التنظيم ليكون ممثلا لدولة سنّية تحمل نموذجاً وقِحاً في التطرف والإرهاب. تغيير اسم فرع تنظيم القاعدة في العراق لم يكن فقط تغييرَ اسمٍ، بل هو بدء تنفيذ المخطط الإيراني في تهجير سكان المدن العراقية والسورية، وحصرهم في أماكن سيطرة «داعش» في عملية تطهير طائفي هي الأولى في التاريخ الإنساني بهذا الحجم والاتساع، فطهران تسعى لوضع كل من يواجه المشروع الفارسي المتستر بولاية الفقيه تحت جناح تنظيم «داعش»، ليقيم هذا التنظيم مملكته في منطقة تمتد من حلب السورية حتى الأنبار في العراق.