يستمر النظام السوري في التصعيد العسكري العنيف، مرتكبا المجازر في المدن المنتفضة، خاصة بعد فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار يدين القمع ويدعم المبادرة العربية التي طالبت بنقل صلاحيات الأسد إلى نائبه، مما ينذر بتصعيد خطير قد يدفع سوريا نحو الحرب الأهلية، بينما يتصاعد عنف النظام بشكل كبير مع ارتكابه مجزرة حمص التي راح ضحيتها أكثر من 300 قتيل، في محاولة منه لكسر إرادة الشعب بعد أن قرأ عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار ضده انتصاراً ودعماً قوياً من حلفائه في موسكو وبكين وكذلك طهران. وبدا كما لو أن الشعب السوري أصبح متروكا للنظام وقواته ينكل به كما يشاء خاصة أن الكثير من المدن أصبح يعاني من وضع إنساني خطير في ظل نقص المواد الغذائية ووقود التدفئة، وكذلك المواد الطبية والأدوية. وكان التطور الأبرز على صعيد العمل العربي ما صدر عن مجلس وزراء المملكة الذي عقد مساء أمس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وأصدر بياناً أكد فيه أن فشل مجلس الأمن الدولي يجب أن لا يحول دون اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية أرواح الأبرياء، كما طالب المجتمع الدولي بعدم التوقف عن بذل الجهود المخلصة لحل الأزمة السورية. ويأتي بيان مجلس الوزراء قبيل انعقاد اجتماع لوزراء دول مجلس التعاون الخليجي السبت المقبل في الرياض الذي من المتوقع أن يضع تصوراً لتحرك عربي جديدٍ تجاه ما يجري في سوريا، وقبل يوم واحد من الاجتماع الوزاري المقرر في مقر الجامعة العربية في القاهرة لبحث الأزمة السورية أيضا. وأتى موقف المملكة هذا من الدعوة لحماية المدنيين في سوريا تتويجاً لجهود متواصلة من المملكة لحل الأزمة السورية بدءاً من خطاب خادم الحرمين الشريفين الذي وجهه للحكومة السورية ثم الجهود الملحوظة للمملكة لإنهاء الأزمة عربياً عن طريق لجنة المراقبين العرب، ولكن كل هذه الجهود لم تجد تجاوباً من قبل نظام دمشق الذي يبدو أنه لا يلقي بالاً لمحاولات حل الأزمة، متكئا على دعم روسي صيني يحميه في مجلس الأمن. ومن المؤسف أن المجتمع الدولي يراقب صامتاً، مع أن عدد القتلى داخل سوريا يتصاعد، والقمع يزداد، ورقعة الموت تنتشر، وعلى الجميع الآن وقبل فوات الآوان وضع المصالح السياسية جانباً، والنظر بشكل جدي في السبل الممكنة لحماية الشعب السوري من آلة القتل التي لا ترحم.