قال رجل الأعمال السعودي الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي: إن بعض القرارات الصادرة من وزارتي التجارة والعمل دون تنسيق مع الجهات الأخرى أدت عمليًّا إلى طرد رؤوس الأموال وهجرتها إلى الخارج وخلقت نوعاً من الإرباك داخل سوق العمل. وأشار خلال حديثه ل «الشرق» إلى أنه على الرغم من حرص الدولة على خلق بيئة استثمارية واعدة إلا أن تلك القرارات تُعد أكبر تحد واجهه رجال الأعمال في الفترة الماضية، وأن ما صدر عن وزارة العمل من لوائح تنظيمية تعد جيدة في مجملها، إلا أن بعضها كان يحتاج مزيدا من الدراسة، حيث إن الأفكار النظرية – على حد تعبيره – قد تسقط عند التطبيق، وهذا يحتِّم وجود لجان من جميع الجهات ذات العلاقة، تعمل على صوغ القرارات ودراستها قبل وضعها حيز التنفيذ. وأضاف القطاع الاستثماري يرتبط ارتباطًا مباشرًا بعدد من الجهات الحكومية، من أبرزها وزارتا التجارة والعمل، إضافة إلى مجالس الغرف التجارية – فإن أكبر تحدٍّ يواجه رجال الأعمال أن تصدر قراراتٌ من أي من هذه الجهات دون تنسيق مع الجهات الأخرى، مما يخلق نوعًا من الإرباك داخل سوق العمل، كما أن بعض القرارات غير المدروسة قد تنجم عنها سلبيات تطغى على الجانب الإيجابي الذي اتُّخذت من أجله. وأشار الجريسي إلى أن كثيراً من الشركات قد التزم بقرارات السعودة، وسارع إلى التكيف معها، ولكنها تواجه في هذا الأمر معضلات، منها قلة الشباب الراغب في العمل، وإذا وجد من لديه الرغبة فإنه يكون – غالبًا – قليل الخبرة، مما يضع الشركات أمام تحدٍ كبير في تأهيل هؤلاء الشباب وتدريبهم، وأن كثيرا من الشباب – ممن يتم استيعابهم – يغادرون الشركات سريعًا، متى لاحت لهم فرصة في القطاع الحكومي، مما يخفّض اعتمادية القطاع الخاص على هؤلاء الشباب، حيث إن كثيراً من الوظائف يحتاج إلى ديمومة واستمرارية واستقرار. لافتاً إلى أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة السعودية يواجه مجموعة من التحديات، وقد عملت الدولة على تذليل كثير منها من خلال إصدار التشريعات التي تساهم في تطوير قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعمها بما يساهم في تحسين قدرتها التنافسية. وقال الاقتصاد السعودي في نمو مطّرد، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد العام الجاري نموًّا يبلغ 4.4%، ويمكن تحقيقه في ظل ما نشهده من حركة اقتصادية قوية تتزامن مع ميزانية الحكومة التي ركزت على الإنفاق التنموي في مجالات شتى، إضافة إلى ما حققه القطاع الخاص من معدلات نمو عالية، من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الماضية. وأضاف الميزانية العامة للدولة تركّز على جانبين بشكل كبير، هما التعليم والصحة، والاستثمار في هذين القطاعين يتماشى مع خطة الإنفاق العام للدولة في السنوات المقبلة. كما أن قطاع المقاولات يحظى بنمو كبير ومتزايد؛ نتيجة للدعم من الحكومة، وهذا يجعل الاستثمار في هذا القطاع من الاستثمارات الناجحة والواعدة، خاصة مع القرارات الحكومية المساندة لهذا القطاع. وللحفاظ على النمو والتقدم الاقتصادي لا بد من أن تسعى الدولة لتنويع مصادر الدخل، والعمل على كسب ثقة المستثمر المحلي والأجنبي، من خلال مزيد من الدراسات والأبحاث الاقتصادية، ووضع السياسات والأنظمة الاقتصادية العادلة، مما يجعل المملكة الخيار الأول للمستثمرين من مختلف أنحاء العالم. وحول تقييمه لسوق الأسهم السعودي قال سوق الأسهم عادت نحو النمو والارتفاع من جديد، وهذا جاء مع مطلع العام الجاري، مما يجعل فرص التحسن الاستثماري فيها كبيرة جدًّا، خاصة مع تحسن أداء الاقتصاد العالمي، وزيادة الإنفاق الحكومي، وتحسن أداء معظم قطاعات السوق، التي من أهمها قطاع البتروكيماويات، الذي سيشهد ارتفاعًا في أسعار منتجاته، ونموا في أرباحه. ولعل النكسة السابقة في سوق الأسهم قد أكسبت كثيرا من المتداولين خبرة في التعامل مع معطيات السوق، مما يحول دون الانجراف إلى مرحلة التفاؤل المفرط ، التي قد تدخل السوق فيما يسمى ب «الفقاعة» ، وهذا ما يحذّر منه الخبراء.