قال الشيخ الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن على بن الجوزي: حكى لي بعض الإخوان أن أحد المغفلين كان يقود حماراً وراءه متجهاً إلى السوق ثم توقف فقال أحد الأذكياء لرفيق له: يمكنني أن آخذ هذا الحمار ولا يعلم هذا المغفل ولا يشعر بي قال كيف تعمل ذلك ومقوده بيده؟ فتقدم الذكي وحل المقود وتركه في رأس نفسه وقال لرفيقه خذ الحمار واذهب، فأخذه. ومشى ذلك الرجل خلف المغفل والمقود في رأسه ساعة ثم وقف فجذبه فما مشى فالتفت فرآه فقال مندهشاً أين الحمار؟ فقال الذكي: أنا هو قال وكيف هذا؟ قال: كنت عاقاً لوالدتي فمٌسخت حماراً، ولي هذه المدة في خدمتك، والآن قد رضيت على أمي فعدت آدمياً كما كنت. فقال صاحب الحمار لا حول ولا قوة إلا بالله، وكيف كنت استخدمك وأنت آدمي قال قد كان ذلك كذلك، قال فاذهب في أمان الله. فذهب ومضى المغفل إلى بيته فقال لزوجته أعندك الخبر؟ كان الأمر كذا وكذا وكنا نستخدم آدمياً ولا ندرى فبماذا نكفّر وبماذا نتوب؟ فقالت تصدق بما يمكن،قال فبقى أياماً، ثم قالت له زوجته إنما شغلك المكاراة (النقل بواسطة الدواب) فاذهب واشتر حماراً آخر لتعمل عليه، فخرج إلى السوق فوجد حماره المسروق ينهق وكأنه ينادى عليه، فتقدم وجعل فمه في أذن حماره وقال له(يا فاسق هل عدت إلى عقوق أمك)؟.