قام عالم النفس الأمريكي (براين تريسي Brain Tracy) بدراسة سيكولوجية لخمسة آلاف عينة إنسانية من مختلف المستويات، بين موظف في البنك، وطبيب جراح، وضابط في الجيش، وسياسي في الكونجرس، وضاربة على الآلة الكاتبة، ومدرسة في الجامعة، وربات بيوت من أعمار شتى، ليصل إلى نتيجة مفاجئة بأن ما يمكن أن نسميهم ناجحين في الحياة لا يتجاوز عددهم 5% (خمسة بالمائة) فقط من مجموع الناس! تم ذلك من خلال عناصر واضحة تم انتقاؤها بعناية، ويعزي عالم النفس ذلك إلى أن الإنسان يتصرف بعفوية في الحياة دون دليل إرشاد (MANUAL INSTRUCTION) لو صح التعبير، فكما كان هناك دفتر لتشغيل وصيانة أي جهاز معقد؛ فإن هذا في مجال الإنسان أدعى للعمل به وأشد إلحاحاً، ولكن الذي يحدث أن الإنسان يولد ويقدم إلى هذه الحياة دون أي كتاب إرشادي، وتبقى العفوية ومحض الصدف والتقليد والإكراه هي صور تشكيل الإنسان. بكلمة أدق المجتمع وكل إكراهاته. ولا تشكل العناصر الستة التي وضعها عالم النفس (براين تريسي) نهاية العلم من مثل (سكينة القلب وراحة البال. تحقيق مستوى عال من الطاقة. تحقيق علاقات طيبة مع الناس. الاكتفاء المالي. أهداف ذات قيمة عليا. وتحقيق الذات)، ولكنها تنفع في معرفة كلٍ منا للحياة التي يمارسها، وبالتالي معرفة موقعه على هذه الخارطة النفسية، سواء كان في قمة السلم الاجتماعي غاطساً في البحبوحة والرغد، أو في القاع يتخبط في مستنقع المعاناة. ويبقى الأمر مثيراً لمعرفة مؤشرات أو عناصر النجاح الستة عند هذه المدرسة؟ يسبح الإنسان في العادة بين معادلات؛ (البيولوجيا) و(السيكولوجيا) و(والسسيولوجيا) ( العضوية والنفس والمجتمع)، ويتنوع البشر في الاستجابة والنجاح، في الكسل والنشاط، في الربح والخسارة، ولكن عند الولادة والموت تسود ديمقراطية صارمة لا تفرق بين ابن سلطان بروناي والفلاح من ريف الهند، وتبدأ الآليات الاجتماعية في تشكيل الإنسان وإعطائه (بعده) الاجتماعي فيأخذ اللغة والثقافة والدين والعادات والتقاليد والقيم، ولكن الهامش الفردي يميز الفرد عن الفرد. نحن في الواقع أمام ثلاث معادلات للإنسان : معادلة بيولوجية معادلة فردية معادلة اجتماعية. ثلاث معادلات في كيان واحد.