رغم أن انهيار الفرق الأوروبية الكبرى سريعاً يبدو أمراً نادراً وفي غاية الصعوبة، إلا أن هذا ما حدث بالفعل مع فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم هذا الأسبوع. فمنذ ثمانية أيام فقط، كان ليونيل ميسي ورفاقه يخوضون دور الثمانية لبطولة دوري أبطال أوروبا، ويحتل الفريق الكتالوني المركز الثاني في ترتيب الدوري الإسباني متأخراً بفارق نقطة واحدة عن المتصدر أتليتكو مدريد، وكان الفريق يستعد لملاقاة غريمه التقليدي ريال مدريد في نهائي كأس ملك إسبانيا. وللحقيقة، فإن هذا الموسم يبدو عصيباً للغاية على برشلونة، الذي قرر مدربه السابق تيتو فيلانوفا الرحيل عن تدريب الفريق للعلاج من مرض السرطان في شهر يوليو الماضي، قبل أن يتقدم رئيس النادي ساندرو روسيل باستقالته في شهر يناير الماضي، عقب اتهامه بإخفاء القيمة الحقيقية لصفقة اللاعب البرازيلي نيمار داسيلفا الذي انضم لصفوف الفريق مطلع الموسم الجاري للتهرب من الضرائب. كما قرر الاتحاد الدولي للعبة «فيفا» منع برشلونة من التعاقد مع لاعبين جدد لمدة عام بسبب مخالفته للوائح الخاصة بالتعاقد مع لاعبين دون 18 عاماً في ضربة جديدة موجعة للفريق. ورغم ذلك، كان من الممكن نسيان كل هذه الأمور حال فوز الفريق ببطولة على الأقل هذا الموسم، وهو الأمر الذي كان من شأنه أن يمنح النادي صيفا هادئا، ويجعل رئيسه المؤقت جوسيب ماريا بارتوميو يشعر بالسكينة خلال الفترة المتبقية له في رئاسة النادي. ولكن برشلونة يمر حاليا بأسوأ حالاته تحت قيادة مدربه الأرجنتيني جيراردو مارتينو، حيث بدا دفاعه هشاً للغاية، وباتت شباكه تستقبل عديداً من الأهداف، خاصة في ظل الإصابات المتتالية التي ضربت مدافعيه، وأصبح خط الوسط بطيئاً وثقيلاً للغاية، وافتقد الهجوم بقيادة ميسي ونيمار للحدة المطلوبة. وعلقت محطة «آر. إيه. سي» الإذاعية الكتالونية صباح أمس على حال برشلونة الآن قائلة «إن برشلونة مر بأسوأ أسبوع في تاريخه، وانهار الفريق تماما وكأنه بيت من ورق». وودع برشلونة دوري الأبطال بعدما خسر 0- 1 أمام مضيفه أتليتكو مدريد، ليخسر 1- 2 في مباراتي الذهاب والعودة ويفشل في التأهل للمربع الذهبي للمرة الأولى منذ سبعة أعوام. كما خسر الفريق للمرة الأولى منذ 42 عاماً أمام مضيفه المتواضع غرناطة بهدف نظيف بالدوري الإسباني، لتتقلص حظوظه بشدة في المنافسة على اللقب، بعدما قبع، بتلك الخسارة، في المركز الثالث، متأخرا بفارق أربع نقاط عن الصدارة قبل نهاية الموسم بخمسة أسابيع فقط. ولكي تكتمل المأساة، فشل الفريق في التتويج بلقب كأس الملك بعدما خسر 1-2 في الوقت القاتل من ريال مدريد في النهائي الذي جرى أمس الأول على ملعب ميستايا بمدينة بلنسية. وجاء عنوان صحيفة «سبورت» الكتالونية أمس: «ريال مدريد يدفن برشلونة الحزين» بينما كان عنوان صحيفة «الموندو ديبورتيفو»، المقربة من برشلونة «إنه كأس مر للغاية». وبينما احتفلت وسائل الإعلام المدريدية بأول لقب لريال مدريد منذ عام 2012، مشيرة في الوقت نفسه إلى استعدادات الفريق لمواجهته المرتقبة مع بايرن ميونيخ الألماني في الدور قبل النهائي لدوري الأبطال، طالب الإعلام الكتالوني بضرورة حدوث ثورة في قلعة كامب نو. وقالت محطة «تي في ايه 3» التليفزيونية أمس «هناك حاجة ملحة لحدوث ثورة كاملة الآن في النادي».أضافت «إن الأفراد المسؤولين عن هذه الكارثة، ينبغي أن يحاسبوا، وإذا لزم الأمر، طردهم خارج النادي». وألقت «آر. إيه. سي 1» باللوم على أندوني زوبيزاريتا، مدير الكرة في برشلونة الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، واتهمته بأنه المتسبب الأول في انخفاض مستوى الفريق الرائع الذي حقق إنجازات مذهلة في السنوات الأربع الماضية. وذكرت المحطة: «إنه لم يفعل شيئا عمليا للمحافظة على الفريق الذي شيده مدرب برشلونة الأسبق جوسيب جوارديولا، من الواضح إنه ليس هو الرجل المناسب لقيادة ثورة الإحلال والتجديد الذي يحتاجها النادي الآن على وجه السرعة». وأظهر زوبيزاريتا تحديه عقب خسارة الفريق للقب الكأس حيث قال «نحن لن نتخلى عن أسلوب لعبنا، سنواصل القتال في الدوري، هذه هي فرصتنا الوحيدة للفوز باللقب الآن. سنستمر في معركتنا حتى الثانية الأخيرة». أما الرجل الثاني الذي يبدو في عين العاصفة، فهو المدرب جيراردو مارتينو «تاتا»، الذي بات من شبه المؤكد أن يرحل عن النادي الشهر المقبل، حسبما أكدت تقارير إعلامية أشارت في الوقت نفسه إلى أن يورجن كلوب المدير الفني لبوروسيا دورتموند الألماني، هو المرشح لخلافته في تدريب برشلونة». وتساءلت صحيفة «لافانجارديا» الإسبانية «هل يورجن كلوب، أو أي مدرب آخر من المدربين الكبار، سيرغب في تولي تدريب فريق في طريقه للزوال، وغير قادر على التعاقد مع لاعبين جدد»؟ ولم يكن بارتوميو بعيداً عن مرمى النيران، حيث أشارت تقارير صحفية إلى أنه سيقع تحت ضغوط هائلة لإجراء انتخابات مبكرة للنادي في الصيف المقبل، وعدم الانتظار لاستكماله العامين المتبقيين من ولاية روسيل، وذلك بعد فشل الفريق في الصعود إلى منصات التتويج. كما طالت سهام النقد أيضا، النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي بعد ظهوره بشكل مخيب للآمال في مباريات الفريق الماضية، وهو ما أثر بالسلب على أداء ونتائج برشلونة مؤخراً وجعلته بلا إبداع ولا أهداف.