يأتي تأسيس الشركة العربية السعودية للاستثمارات الصناعية في ظل ما تشهده المملكة من طفرة ونهضة في كافة المجالات خاصة القطاع الصناعي، حيث تسعى هيئة المدن الصناعية إلى زيادة المصانع من 6 آلاف مصنع إلى 9 آلاف مصنع داخل 40 مدينة صناعية خلال السنوات الأربع المقبلة، مما يتطلب تضافر كافة الجهود لتنويع الصناعات وظهور شركات كبرى تقيمها الحكومة بالتعاون مع الشركات العملاقة كي تساند وتدعم الشركات المتوسطة التي يمتلكها القطاع الخاص في البلاد من خلال توفير المواد الخام وكافة الاحتياجات التصنيعية كي تستمر عجلة الإنتاج والتصنيع في دورانها وتطورها وتقدمها بتوفير وتنويع الصناعات في البلاد، فضلاً عن العمل على توطين كثير من السلع والمنتجات من خلال التنسيق والتوافق مع غالبية الدول المتقدمة صناعياً لإنتاج سلعها على أرض المملكة كونها تعد مركزا استراتيجيا ما بين الشرق والغرب فضلا عن كونها سوقا كبيرا يستوعب مزيدا من السلع والمنتجات التي يتطلبها السوق. إن الصناعة هي العمود الفقري لأي دولة خاصة في المملكة لإسهامها بشكل مباشر في تنويع مصادر الدخل من الاعتماد على الموارد النفطية إلى مصادر أخرى كالصناعة والخدمات والتجارة، ومن خلال تأسيس شركة كبرى مثل الشركة العربية السعودية للاستثمارات التي يساهم فيها صندوق الاستثمارات العامة في وزارة المالية بنسبة 50 في المائة و50 في المائة من عملاقي الصناعة العالمية شركتي سابك وأرامكو، مما يجعل هذه الشركة تولد عملاقة لتنضم إلى عملاقي الصناعة العالمية وتستثمر الشركة الجديدة في الصناعات التحويلية والصناعات المساندة على أسس تجارية، والاستثمار في القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية لتطوير صناعات تحويلية متعددة في جميع القطاعات الصناعية، سواءً المعتمدة على البتروكيماويات، أو المواد الأولية مثل: الحديد والصلب والألمنيوم والصناعات الأساسية الأخرى المحققة للتنوع الاقتصادي التي تعد من الصناعات الاستراتيجية في العالم. إن رؤية تأسيس الشركة الجديدة يذكرنا باليوم الذي تأسست فيه شركة سابك في عام «1976م» بمرسوم ملكي يقضي بتأسيس الشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك لاستثمار ثروات المملكة الهيدروكربونية والمعدنية، وتحويلها إلى منتجات صناعية ذات قيمة مضافة عالية لتنويع مصادر الدخل الوطني، والإسهام في تطوير قطاعات الصناعات التحويلية والإنشائية والزراعية وتعزيز دورها في الاقتصاد السعودي، وقد عملت الهيئة الملكية للجبيل وينبع في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات على تطوير الجبيل وينبع من قريتين لصيد الأسماك إلى مدينتين صناعيتين حديثتين تضمان أحدث تجهيزات البنية الأساسية، وقد بدأت سابك في إنشاء المصانع. وفي عام 1983م بدأ أول مشروع مشترك في الإنتاج، ثم تبع ذلك تأسيس عديد من الشركات التابعة. وتعد سابك حاليا أكبر شركة صناعية غير بترولية في منطقة الشرق الأوسط، وواحدة من أكبر «10» شركات عالمية لصناعة البتروكيماويات. إن قيام شركات حكومية تستثمر في الصناعات المحلية تسهم في دفع عجلة التصنيع وتعد مكملا للمنظومة الصناعية التي تشهدها المملكة، بتوفير قيم مضافة للاقتصاد المحلي من خلال إعادة تصنيع كثير من المواد الخام في المملكة وتحويلها إلى صناعات أولية أو نهائية، مما يسهم في تعزيز المداخيل للمملكة، مع توفير آلاف من الفرص الوظيفية للشباب السعودي، بالإضافة إلى تعزيز اسم السعودية كمنتج في العالم كونها من أسرع 10 دول نموا اقتصاديا في العالم. ولا يخفى على الجميع حاجة المملكة لمزيد من النماذج المكررة وأيضا المنوعة من وحدات الإنتاج وشركات الاستثمار الصناعي الضخمة التي نتمنى أن نرى قيامها في القريب العاجل إن شاء الله ويكون المواطن مشاركاً ومساهماً فيها على كافة المستويات. ولعله من المناسب إطلاق عديد من الكيانات والشركات المتكاملة وأحيانا المتنافسة في الأسواق لتكرار النماذج الناجحة والاستفادة من التنوع الجغرافي والبيئي في المملكة، فسوف يرحب السوق بشركات عملاقة تنافس وتحفز الشركات العملاقة القائمة وربما من المصلحة أن تكون كل شركة عملاقة في وضع تنافسي عادل مع شركات عملاقة أخرى يتكرس فيها تغليب مصلحة الوطن والاقتصاد الكلي للدولة ويكون المقياس الربحي والاقتصادي أداة فعالة لتحفيز الجميع على النجاح المتكرر بإذن الله. ولا يفوتنا أن نشيد بتجربة مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين وجهود إدارتيهما، هذا الأنموذج الذي يسعدنا رؤية نماذج مثله في عديد من المواقع في وطننا الغالي.