تصاعدت حدة مخاوف الفنانين المصريين بعد الحكم الصادر ضد الفنان الكوميدي عادل إمام من محكمة جنح الهرم بالسجن ثلاثة أشهر بعد إدانته بتهمة الإساءة إلى الإسلام في أكثر من عمل سينمائي ومسرحي. وجاء الحكم أيضاً صادماً للوسط الفني، خاصة في ظل المعركة المشتعلة حول حرية الإبداع والدفاع عنه في وجه التيارات الدينية المتشددة، وأبدى بعض الفنانين المصريين خشيتهم أن يكون هذا الحكم أولى الخطوات من جانب الإسلاميين في ممارسة التضييق والرقابة والملاحقة القضائية بحق الفنانين والمثقفين، خصوصاً أن المحامي عسران منصور الذي أقام القضية ضد الفنان عادل إمام يرتبط بعلاقات وطيدة مع الجماعات الإسلامية المتشددة. تزايد الشائعات وكان الصعود القوي للتيارات الإسلامية على المشهد السياسي في مصر قد أدى إلى تزايد الشائعات حول اعتزال بعض الفنانين بذريعة التخوف من تحجيم دور الفن في الفترة المقبلة، مما قد يؤثر على أعمالهم الفنية، أو التدخل في طبيعتها، رغم التطمينات التي خرجت من جماعة الإخوان المسلمين، وخاصة من جانب المرشد العام الدكتور محمد بديع، خلال استقباله لنقيب الممثلين المصريين الفنان أشرف عبدالغفور، الذي أكد أن الإخوان لا يعادون الفن والفنانين، مشيراً إلى أن الجماعة ترحب بالفن الجاد والهادف». إلا أن الفزع في الوسط الفني المصري تزايد أيضاً مع هجوم المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية عبدالمنعم الشحات على روايات الأديب المصري نجيب محفوظ، والتي اعتبرها تدعو للرذيلة، وفيها فلسفة إلحادية. وقال عادل إمام، الذي بلغ 72 عاماً من عمره، في اتصال هاتفي مع الشرق «إنه قرر استئناف الحكم، خاصة وأن الحكم صدر غيابياً»، دون أن يعلم، مؤكداً أنه لا يعرف المحامي الذي أقام القضية». وأضاف إمام «إنه يواصل مشواره الفني، ولا يخاف من إرهاب أحد، مشيراً إلى أنه في قمة صعود الإرهاب في صعيد مصر، ذهب هو وفرقته المسرحية لتقديم مسرحية «الواد سيد الشغال»، بعد الهجوم على فرقة أسيوط المسرحية من جانب الجماعات الإسلامية المتشددة». وأوضح إمام «أنه سبق أن تعرض لكثير من مثل هذا الهجوم طوال مشواره الفني، هو وكثير من الفنانين المصريين والكتاب أيضاً، مثل السيناريست وحيد حامد، الذي قدمت معه أفلاماً كثيرة ضد الإرهاب». ومن جانبها، أعربت الفنانة المصرية تهاني راشد عن قلقها بعد صدور الحكم ضد الفنان عادل إمام، موضحة أنه في الوقت الذي يجب أن يدور الحديث حول كيفية تطوير الحياة الثقافية والفنية بعد الانهيار الذي تعرضت له خلال الثلاثين عاماً الماضية، عدنا إلى مناقشة ما إذا كان الفن حلالاً أم حراماً». وقالت تهاني»إن أكبر مخاوفها قيام التيار السلفي بفرض رقابة صارمة على الأعمال الفنية، وهو ما سيكون بمثابة ردة على أهداف الثورة التي قامت من أجل تحرير العقول المصرية». رسالة تنوير أما الفنانة علا غانم فأكدت أن صعود الإسلاميين إلى مشهد الحياة السياسية في مصر لن يخيفها بالمرة، موضحة أنه لن يجبرني أحد على ترك فني الذي أعتبره رسالة هامة لتنوير عقول الشعوب». من جهتها، قالت المخرجة إيناس الدغيدي التي ارتبط اسمها في مصر بإخراج أفلام الإثارة «إنها تعرف رأي الإسلاميين، وخصوصاً السلفيين، مسبقاً، فيما تقدمه من أعمال سينمائية، مضيفة أن الإخوان سبق لهم وطالبوا بإقامة الحد علي، وأهدروا دمي بسبب أفكاري، ولم تستبعد إيناس الدغيدي أن يقيم أحد الإسلاميين ضدها دعوى بالحبس بسبب هذه الأفكار». أما الموسيقار هاني شنودة فأكد أن الغالبية العظمى من الشعب المصري معتدلة، وترفض التشدد والتطرف، وما حدث للفنان عادل إمام حالة فردية، ولا يجب أن نخاف من التضييق، وأن الإبداع لابد أن يقوم على أرضية من الحرية، وأن الأديان جاءت من أجل أن نكون أحراراً، وأن أصل الأديان أن يكون الإنسان حراً في تفكيره». وأكد المنسق العام لجبهة الدفاع عن حرية الإبداع عبدالجليل الشرنوبي «إن الحكم ضد الفنان عادل إمام كان صادماً، لافتاً إلى أنه يعتبر الحكم بداية للمعركة التي قررت الجبهة الدفاع عنها وهي حرية الإبداع، موضحاً أن المعركة بدأت بالفعل، ولكنها تحتاج إلى سياسة النفس الطويل». إلا أن نقيب الممثلين الفنان أشرف عبدالغفور أعرب عن اعتقاده أن الإسلاميين لن يتعاملوا مع الفن برجعية، مشيراً إلى أن حديثه مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين كان مطمئناً بشكل كبير، موضحاً أن الإسلاميين لم يصدر عنهم ما يشير إلى معاداتهم للفن والفنانين».