شخصيات مظاهر اللاجامي الروائية ذات طابع ثوري يساري ساخط، تشعر وأنت في عوالمها بأنك مأزوم مع تفاصيلها اليومية، بكل حواملها الاجتماعية والفلسفية التي تقف على بعد واحد بين التصوّف والإلحاد. إنها قريبة إلى حدٍ كبير من أبطال روايات الشيوعيين العرب إبان الثمانينات. ربما لا يرغب اللاجامي في هذه النتيجة، خصوصاً وأنه يعتبر أبطاله لا تحلم بالخلاص لأنها ولدت ضمن ظروف موضوعية تلاشت فيها الأفكار الخلاصية، فمنذ روايته «بين علامتي تنصيص» الذي ظن بطلها أن خلاصه في الكتابة، مروراً ب «سبحان» في «الدكة» ومحاولته الانتحار بعد تجربة السجن السياسي، وانتهاءً ب «وحيد» في رواية «عازف الجيتار العجوز» الذي أدرك منذ البدء ألّا سبيل لخلاصه فاتّخذ من العزف على الجيتار محاولة لمراوغة الإحباط على مستوى الذات والواقع. مروراً بجميع شخصيات اللاجامي سنواجه أبطالاً مثقفين ليسوا محكومين بالأمل بقدر محكوميتهم بالعدمية. هنالك مساءلات كبيرة يضعها اللاجامي بين يدي قارئه. هذه المساءلات تأتي من شعوره بأهمية تفكيك الأسئلة النسقية دون الاعتماد على الأجوبة الجاهزة، من هذا المنطلق يحاول اللاجامي أن يواجه المآزق المضاعفة للمثقف السعودي في ظل غياب المؤسسات المدنية واستحكام «المزاج» على مفاصل حياته مما يجعل أي محاولة تنويرية في الداخل السعودي تأخذ أبعاداً أعمق من مثيلتها في العالم العربي. اللاجامي لا يقترح حلولاً، فالمفارقات السردية في عوالمه تفترض مثقفاً مسيّجاً بالدوغمائية التي استطاعت بجدرانها الخانقة أن تضيق حتى على من اعتبرناه تنويرياً. إذ كل محاولات التنوير التي حاولت الحركات الأيديولوجية تشكيلها في الثمانينات من قومية وشيوعية لم تستطع الخروج -حسب اللاجامي- من نخبويتها ومن برجها العاجي لتخلق إطاراً اجتماعياً حاضناً يحمل مشروعها الإنساني قبل السياسي. إذاً ما الحل؟!