كسر شباب سعوديون في مهرجان الساحل الشرقي «ثقافة العيب» الآتية من امتهان أعمال البيع، واتجهوا إلى السوق الشعبية التي أقامها مجلس التنمية السياحية في المنطقة الشرقية، فمنهم من يبيع الشاي، أو القهوة العربية، أو البليلة، أو الحلوى، أو الخبز والكليجة الحساوية؛ حيث يتولى إعدادها مجموعة من الشبان منتهزين فرصة مهرجان الساحل الشرقي لاقتطاع جزء كبير من كعكة المستثمرين، مزودين بعتاد غير مكلف مادياً. يقول حمد الدوسري، صاحب مطعم المشويات، إن الكسب المادي الشريف ليس بعيب، وإعداد المشويات لا يستغرق وقتاً طويلاً، وهو مربح للغاية، والإقبال كبير على هذه المطاعم في المهرجانات، مؤكداً أنه يعمل في هذه المهنة منذ خمسة أعوام، وهي لا تتطلب سوى البعد عن الخجل، الذي يعد حجر عثرة في طريق النجاح، لافتاً إلى أن شريحة كبيرة من الشباب الذين يعملون معه لديهم إبداعات في هذا الجانب ظلت حبيسة داخل الصدور، ولم تر النور طوال السنوات الماضية بعدما منعها الخجل خشية أعين الجمهور، لاسيما الأصدقاء منهم الذين يميلون إلى السخرية اللاواعية بالهدف الأسمى. وأشار الدوسري إلى أن عدداً من الشباب فكروا بطريقة صحيحة، وضربوا الخجل في مقتل بواسطة الاتفاق على ممارسة النشاط من خلال تنفيذه في مجموعات؛ إذ إن الفرد حينما يتولى عمليات البيع دون معاون يشد من أزره ويأخذ بيده إلى الأمام يتسلل إليه الملل ويتبادر إلى ذهنه شعور بالدونية وأنه أقل من غيره من الشباب، مشدداً على ضرورة عدم الاهتمام بما يسمعه من تعليقات لبعض الشباب الذين يحاولون تكسير مجاديف البائعين، مما يتسبب في تحطيمهم معنوياً لتنتابهم الأفكار التي تدفعهم إلى التوقف ووضع حد للاستمرارية في العمل. صالح وإبراهيم الدخيل رفعا شعار «طنش تعش» للاستمرار في العمل مع والدهما عبدالرحمن، الذي فتح المحل منذ أربعة عقود، وسمعا كلمات سخرية وتعليقات من بعض أصدقائهما، وهذا جعلهما يستمران في العمل دون توقف، مؤكدَين أن الرزق على الله، وأنهما مقتنعان بمهنة صنع الحلويات الحساوية، و»الكليجة بالهيل والقرفة، والتمر، والخنفروش، والزلابيا. ويروج مصطفى محمد بضاعته من الحلوى البحرينية والعمانية، موضحاً أن إضافات النكهات ومقدارها تظل سراً للمهنة من الصعب الإفصاح عنه للحفاظ على الجودة في ظل التنافس المحموم لاستقطاب العملاء وصناعة اسم وشهرة في السوق، لافتاً إلى أن الإيرادات توفر مصروف أسر، وتسهم بصورة كبيرة في مواجهة متطلبات الحياة المعيشية، وتفتح المجال للادخار، ولا تقل يومياً عن خمسة آلاف ريال. ويقول خالد القحطاني إن مقهاه الشعبي يقدم «الشاهي» والقهوة والخبز، وإن شباب المنطقة بدأ يتجه إلى العمل التجاري، مؤكداً فخره بعمله؛ ليكون قدوة لكثير من الشباب العاطلين عن العمل، مشيراً إلى أن دخل المقهى الشعبي مُجزٍ وتتجاوز مبيعاته في اليوم الواحد 3000 ريال. وقال مسري عسيري، الذي يعمل مع خالد القحطاني في المقهى، إنه سعيد جداً بتجربة العمل الشريف في المقهى الشعبي؛ فالدخل ممتاز، ويسهم في إعطاء راحة للباحث عن عمل يؤمن حياته المعيشية، مضيفاً أنه سيستمر في هذه المهنة الشريفة. ويتطلع هؤلاء الشباب السعوديون إلى إنهاء العائق الذي يحد بينهم وبين تجارتهم النظامية في بيع المأكولات الخفيفة في البسطات على ضفاف كورنيش الدمام والخبر والقطيف؛ حيث يشتكي بعض الشباب الذين اتخذوا من هذه البسطات مكاناً لطلب الرزق من صعوبة استخراج التصاريح بسبب الإجراءات المعقدة، مما يزيد من صعوبة مجابهة متاعب الحياة، ويتساءلون: أين الجهات المختصة لتقديم الدعم للشباب، خاصة بعد التغلب على ثقافة العيب.