جسد مهرجان الساحل الشرقي الذي تنظمه لجنة التنمية السياحية في المنطقة الشرقية في متنزه الملك عبدالله بالدمام مهنة «النهام»، وهو الواقف على ظهر السفينة وينهم في البحر ويملك الصوت الجميل والشجي ويؤدي أغاني البحر. وترتبط «النهمة» بالعمل في السفينة أثناء رفع الأشرعة وإنزالها ولها ضوابط غنائية محددة لرفع الشراع أو خطفه كما يسميها البحارة، ويطلق على هذا الأداء «الخطفة». ويلفت سمع القادم إلى «صوت النهام» الذي يقدم أهازيج وأصوات تغنى بها البحارة في الماضي في مهرجان الساحل الشرقي بنسخته الثانية؛ لتعبر عن همومهم أثناء رحلات الصيد والغوص التي امتهنوها وسط أمواج البحر عبر رحلة تمتد إلى عدة أسابيع وأشهر أحيانا؛ لجمع حبات اللؤلؤ الثمينة التي تعد من أهم الموارد الاقتصادية لأهالي المنطقة الشرقية في ذلك الزمان. ويقول «النهام» صالح العبيد، الذي أطلق عليه الأمير سلطان بن سلمان في الجنادرية «نهام الجنادريةوالشرقية»، إنه ورث هذا الفن من أبيه وجده، ويشدو بصوته الشجي متنقلاً هذه الأيام بين أركان مهرجان الساحل الشرقي ليُعيد الذاكرة إلى فترة الغوص وتراث الأجداد. وأضاف أنه من عائلة نواخذة وغاصة، ويمارس تلك الموهبة على أسطح السفن، مبديا قدرا من التخوف بأن يطوي النسيان فن «النهمة» الشعبي ولا تحافظ عليه الأجيال المقبلة. ويعدد العبيد الصفات الواجب توافرها في «النهام» من قوة الصوت وطبقاتها كي يزود البحارة والغواصين بالطاقة من خلال ذكر الله، لافتاً إلى أن مهنته تعتبر أساسية في أي رحلة غوص، ولا تكاد تخلو سفينة من نهام إلى ثلاثة نهامين يتقاضون أضعاف ما يتقاضاه الغاصة. ويتذكر العبيد أبرز من عملوا في هذه المهنة، مازال كبار السن يتذكرونهم، من بينهم «سلطان فرحان البوعنين، وحسن بوعلي الدوسري، ومصبح، وبلال بركة، ويوسف الخليل، وإسماعيل بو علوص، وهوجان من دارين»، مطالباً جمعية الثقافة والفنون بتوثيق تلك الأسماء حتى لا يضيع تاريخ نهامي المنطقة بسبب قلة الدراسات والتوثيق. وأشار إلى أن تقلبات الأجواء من أكثر الصعوبات التي تواجههم أثناء رحلات الصيد، مبيناً أن العام 1924م يُعد من السنوات الصعبة وسميت «بسنة الطبعة – تسونامي الخليج «. ولفت إلى أن الصيد الآن تغير جذرياً وأصبح بمراكب ومحركات، ويقوم الغاصة حالياً بوضع «القرقور» «بمعنى الشبك» لمدة يومين، وتوضع فيه طعم مثل خبز يابس، موضحاً أن الغواص لا بد أن يُحدد المكان لتسنح له الفرصة للرجوع إليه. ويُردد العبيد أهزوجة شعبية من أهازيج رقصة الدانة البحرية يقول فيها: «جاني والمغيبة تخرج كل بحرة.. كل من قال فارقت المكاني.. وأربعة أحوال تحسبها يسفره.. كنت لا غبت ما تمض ثمان.. والمخبر يقول في رأس عبرة.. وإن عزمت السفر أخرت عاني.. كل يومي تقول العزم بكرة».