هل يجب عليّ أن أخشى تداعيات هذا العنوان الصادم للمثقّفين؟ لا أظن! لأن الجبان لا يستطيع اتخاذ موقف، ولأن المثقف الحقيقي الشجاع سيعذرني في هذا، وأظنني في غِنى عن توضيح أنني أقصد بعنواني هذا بعض المثقفين لا كلهم! سيدي القارئ: المثقف الجبان هو ذلك الذي يدور حول ذاته فقط، أعظم مشاريعه حضور الندوات وإقامة المحاضرات الهامشية، يظن أن أعظم ما قد يصل إليه من فخر هو دعوته للقاء تليفزيوني أو تكريمه من شخصية رياديّة، تجده دائماً يجترُّ بلسانه أسماء المثقفين والفلاسفة والأدباء الذين أفنوا أعمارهم من أجل قضاياهم؛ وهو الذي يعيش بلا قضية! يخاف من سُلطة المجتمع ويحاول أن يتماهى معه في الظاهر، ويشتمه في الباطن! لا يستطيع توجيه النقد لمسؤول أو مجتمع أو سلطة، تراه ينكمش على نفسه إذا برزت أسئلة الإصلاح الحقيقي! يكتفي بأن يُدعى لحضور فعاليات البلد الثقافية، يجلس في بهو الفندق مع بعض أصدقائه يتحدث عن ماركس ونيتشه ومحمد أركون وسارتر! الأمر ليس مكلّفاً: اقرأ كتابين في الثقافة والأدب، احضر فعاليات ثقافية، اشرب باليسار، تحدث عن أفلاطون واذكر سيوران وقل: يعجبني الجابري، ولا يعجبني المسيري، وتصبح مثقفاً!! العجيب في هذا المثقف هو خوفه الشديد من كافة الأشياء التي (يمكن) أن تتسبب في إيذائه ولو في الأحلام! لا يريد أن يضحّي بشيء أبداً، مع تأثره بكلّ الذين ناضلوا في سبيل قضاياهم! أيها المثقف الجبان: لا تخَف من سلطة المجتمع فهي لن تغيّر من حياتك التي تختارها أنت! لا تخَف من سلطة المسؤول فالكل يعلم أنك لستَ إرهابياً أو داعياً للعنف، وأنك تنتقده لأنك تحب وطنك! تحية كبيرة للشجعان أينما كانوا!