شنت قوات الأسد الأب قبل ثلاثين عاماً على مدينة حماة حملة عسكرية واسعة، بقيادة شقيقه رفعت الأسد قائد قوات سرايا الدفاع آنذاك وقائد الوحدات الخاصة علي حيدر دخلت قواتهم المدينة فجراً وبدأوا بتمشيطها من شارع إلى شارع، ومن بيت إلى بيت ومن حارة إلى أخرى، كانوا يخرجون الناس من بيوتهم و يعدمونهم في الشوارع ويهدمون بيوتا فوق رؤوس ساكنيها، اشتبكوا مع الذين حاولوا الدفاع عن المدينة، ولم يكن المسلحون من (الإخوان المسلمون) فقط بل كانوا أهل المدينة من كل أديانهم وانتماءاتهم السياسية، يقول روبرت فيسك : “أمسك الإخوان فعلاً بزمام المبادرة، بمساعدة شباب الأحياء العلمانية الذين همشهم النظام نتيجة للضربات السابقة في حماة” قُصفت المدينة بالمدفعية والدبابات ودمرت أحياء بأكملها، وقُتل الكثير من الناس بين جدران منازلهم، وروى الكثير من الشهود الذين كانوا أطفالاً وفقدوا أهلهم وذويهم، وكذلك من المعتقلين الذين بقوا أحياء وبعض الجنود الذين شاركوا في تلك المجازر مجبرين، تحدثوا عن المجازر الفظيعة التي ارتكبت، لم يرحم رصاص وقنابل حافظ الأسد وأخيه رفعت الأطفال ولا النساء ولا الشيوخ عدا الرجال والشباب، كتب الكثير عن هذه المجزرة التي استمرت ل 27 يوما لن ينساها أهالي المدينة، كما لن ينساها السوريون جميعا حيث قتل نحو أربعين ألف شخص واعتقل عشرات الآلاف (ووفقا لتوماس فريدمان “قام رفعت الأسد بالتباهي بأنه قتل 38 ألف شخص في حماة.”) واضطر نحو مائة ألف شخص إلى الهجرة من المدينة بعد أن دمر معظمها تدميراً كاملاً. بدأت الأحداث في سوريا بين مجموعات انشقت عن تنظيم الإخوان المسلمين باسم “الطليعة المقاتلة” بعد أن شن النظام حملة اعتقالات ضد عناصر تنظيم الإخوان المسلمين والطليعة المقاتلة التي رفضت سياسة قادتهم (الإخوان) التي غضت الطرف عن ممارسات الأسد منذ مجيئه للسلطة بانقلاب عسكري عام 1970 وأزاح خصومه إما بالقتل أو السجن، و بدأت أول الاحتجاجات في حمص عام 1972، حيث خرج طلاب المدارس في تظاهرات ضد النظام احتجاجا على إلغاء الاحتفالات التي كان ينظمها الطلاب في عيد المولد النبوي الشريف وقتل يومها عدد من طلاب المدارس في حمص وتوالت احتجاجات حمص وحماة بعدها بما عرف بأحداث الدستور الذي فصَّله حافظ الأسد على مقاسه ليضمن بقاءه بالسلطة ويعطيه صلاحيات مطلقة في السيطرة على البلاد . لاحق الأسد النشطاء والأحزاب السياسية جميعها، ولم تتوقف الاعتقالات منذ مجيئه حتى وفاته ولم لاحق حافظ الأسد جميع القوى السياسية واعتقل الشيوعيين والقوميين والمتدينين وكذلك البعثيين المناهضين له، وكان للإخوان المسلمين النصيب الأكبر في الاعتقالات، لكن تصفية زعيم الطليعة المقاتلة مروان حديد في سجنه هو الذي فجر الصراع، وبدأ تنظيم الطليعة المقاتلة بملاحقة ضباط الأمن واغتيالهم وكانت أول عملية اغتيال لرئيس فرع الأمن العسكري الرائد محمد غرة، وبدأت حملة اغتيالات وبالمقابل حملات الاعتقال الوحشية، التي كانت تطال أقرباء المطلوبين. لكن محللين رأوا أن سلوك الأسد الأب لم يكن فقط سلوكا سياسيا بإزاحة الخصوم وتمهيد الطريق لاستمراره في الحكم فقط، بل كان سلوكه الانتقامي من الشعب السوري ذي الأغلبية السنية، نابع من اعتقاده بأن العلويين تعرضوا لاضطهاد السنة عبر تاريخ حياتهم، وأن أبناء القرى العلوية كانوا يعملون خدما لدى عائلات الطائفة السنية (ذكر ذلك الشاعر ممدوح عدوان قبيل وفاته عام 2004 في مقابلة معه بثها التلفزيون السوري. قال عدوان والذي كان يعتبر نفسه علمانيا إننا عانينا من الفقر وبناتنا كن يعملن خادمات لدى العائلات في المدن). فالكثير من أعمال القتل والإهانة التي تعرضت لها مدن لم تشارك في صراع الأسد مع الإخوان كمدينة حمص مثلاً وأحياء من مدينة حلب واللاذقية، حيث كان جنود الأسد يخرجون الناس من بيوتهم ويعرضونهم لأشد أنواع الإهانات والضرب ويأخذون شبابهم إلى المعتقلات دون أن يكونوا مطلوبين أو متهمين، هذه الأفعال التي أمر بها الأسد الأب وأخوه، رأى فيها بعض المحللين إنها ليست سوى سلوك انتقامي من تاريخ وعقد نفسية اتجاه الأكثرية. لم تكن مجزرة حماة هي الأولى التي ارتكبها الأسد الأب فقد ارتكبت قبلها مجزرة في بلدة جسر الشغور على يد الوحدات الخاصة في مارس 1980 حيث قتلوا شبابها ورجالها وأحرقوا بيوتهم ومحالهم التجارية، وكذلك مجزرة حي المشارقة في حلب التي حدثت صباح يوم عيد الأضحى 1980.8.11 التي قتل فيها أكثر من مائة دفنتهم جرافات الأسد في حُفر جماعية وبعضهم كان جريحا ولم يفارق الحياة بعد. كما مجزرة سجن تدمر في 1980.6.26 حيث قتلت قوات سرايا الدفاع 1181 سجينا ضمن مهاجعهم في مشهد وصف بأنه من أفظع ما ارتكبه الأسد وأخوه من جرائم، ولم ينته الأمر بذلك عند سجناء سجن تدمر بل استمرت الإعدامات حتى بداية التسعينيات على يد اللواء حسن قعقاع والعميد سليمان الخطيب رئيسي المحكمة الميدانية في سجن تدمر التي كانت تحاكم المعتقلين بشكل صوري وتنفذ بهم أحكام الإعدام بشكل فوري، ومن غير المعروف إلى الآن عدد الذين أعدموا في هذا السجن. أهم الأحداث بين النظام السوري والإخوان المسلمين مجازر ارتكبت في حماة فبراير 1982