بدأ موسم الربيع وبدأت الأرض في الاخضرار.. واستبشر رعاة الإبل بموسم جميل.. وبدأوا يشدون الرحال نحو مناطق الرعي حيث خصوبة الأرض وكثرة نبتة العشب التي تفضلها إبلهم.. من القصيم وسط المملكة، إلى منطقة الحدود الشمالية.. المسافة ليست بالقصيرة، لكنها بالنسبة للرحالة وعابري الطرق من رعاة ومالكي الإبل تعد من أحلى الرحلات.. فهم يقطعون الفيافي ليالي وأياماً مستمتعين بما أنعم الله عليهم من خيرات، معتبرين أن استمتاع الإبل هو متعة بحد ذاتها.. متنقلين بين موقع وآخر سعياً خلف هوى الإبل التي تتبع رائحة الربيع وما تهوى من العشب الذي تعددت أسماؤه (القليقلان، الصفار، الكحيل، القحويان، الخزامى، الغرارا، الربلة). لكن هذه المتعة لاتخلو من معاناة، حيث عدم الاهتمام بالمساحات العشبية، فضلاً عن عدم تقدير زائري ومستخدمي هذه الأراضي من قيامهم بإتلاف المراعي والعبث بالأخضر من الأعشاب. «الشرق» رافقت مجموعة رحالة مكونة من رعاة ومالكي إبل من منطقة القصيم حتى الحدود الشمالية، وخرجت بهذه الحصيلة من الآراء والمعاناة بداية أشار الرحال مطلق الحمياني إلى أن تغيير مسار الإبل يميناً ويساراً للخروج من مزارع بين القصيم وحائل (لم تطبق اشتراطات وزارة الزراعة التي تنص على ترك مسافة بين كل مزرعتين) يزيد المسافة ويؤثر سلباً على نفسية الإبل ما يضاعف جهدنا أثناء الرحلة. مطالباً الاهتمام بهذه الخصوصية من أجل الحفاظ على استقرار أوضاع الإبل، وفي نفس الوقت توفير الجهد المبذول من قبل الرعاة وأصحاب الإبل. وبين منيف العضيلة أن حبهم للإبل لما يجدون فيها من طبع جذاب وعشق للأصالة دعا إلى الانتقال بها حيث يوجد الربيع والترحال والذهاب معها أينما رغبت، وقال: هناك من يغيب عن أسرته لفترة تمتد إلى أشهر مع الإبل وهذا دليل على الحب المتبادل بين الإبل وصاحبها. وذكر سعد الشمري من مركز تربة التابع لمحافظة بقعاء: لدينا عدة ملاحظات في هذا السياق، منها أن طريقة الرعي بالمنطقة عشوائية وربما يرعى قبل أن ينبت العشب. مشيراً إلى وجود تقصير ملحوظ من فرع وزارة الزراعة ببقعاء حيث إن تربة وما جاورها رعوية وخالية من المزارع ولا يوجد بها وحدة بيطرية. مطالباً وزارتي الزراعة والتجارة بالعمل الجاد على خفض سعر الأعلاف لأن سعره المناسب يزيد الإنتاج ويكوّن وفرة للمواشي وبالتالي تقل أسعارها عما هي عليه الآن. كما طالب إدارة المراعي بوزارة الزراعة بالتعاون مع حرس الحدود بوزارة الداخلية بمنع الرعي من بداية الوسم الى نهاية الشبط في مواقع عدة من المملكة مثل (الصمان، الدهناء، فيحان، عقارب، هريسان جنوبالخرج، والحدود الشمالية) مبرراً ذلك باكتمال نبة العشب التي هي المصدر الأول للإبل. وأشاد حربي بن كميخ بكرم أهل الشمال في استقبالهم الرعاة القادمين من القصيم، وقال استقبلونا بالحفاوة وجزيل الكرم. لكنه أضاف: بعض الأشخاص يمنعونا من الرعي في بعض المواقع. وشدد بن كميخ على المحافظة على العشب، فهو بالإضافة إلى كونه شكلاً جمالياً، فهو مصدر رئيس للرعي، وقال: «هناك مع الأسف الشديد من يقوم بتخريب جمال العشب من المتجولين، إما بالتفحيط أو عدم النظافة» مطالباً الجهات المختصة بوضع قوانين لمتابعة هؤلاء العابثين. ووافقه في الرأي مالك الإبل الراعية بمنطقة فيحان التابع لمحافظة رفحاء عبيد الشاطري، معبراً عن ارتياحه وسعادته بهذا الجو الربيعي، وبما يلقاه من حفاوة وكرم أهل الشمال. مؤكداً أن هذا الكرم هو أصل وطبيعة في هذه المنطقة، ومعتبراً أن هذا السلوك يرفع من معنويات الرعاة ومالكي الإبل ويطمعهم في تكرار الرحلات ذهاباً وإياباً للحصول على أفضل المواسم الربيعية وأعشاب صافية تسعى الإبل للرعي بها والاستمتاع بجمالها. كما طالب الزائر هزاع المطيري من بلدية رفحاء الاهتمام بمواقع الربيع ووضع حاويات للنفايات من أجل الحفاظ على النظافة لأن دورهم غائب في مواقع الربيع بقيصومة فيحان. أما نايف بن غصين الدوسري فقد انتقد بعض التصرفات الصادرة من حرس الحدود مع الإبل الراعية عند الحد الشمالي. موضحاً أنهم يسجنون رعاة الإبل بدون سابق إنذار ويشردون الماشية من خلال استنفار سيارات الدوريات وأصوات المنبهات (الونان). وأضاف قائلاً «المواطن هو بمنزلة رجل أمن ونحن نرعى إبلنا في الربيع ومنطقة مابين العقم الأول إلى مسحية العقم الثاني تنعم بربيع وافر، وإن شاء الله لا نخالف القوانين». من جهته بيّن الناطق الإعلامي في حرس الحدود بالمنطقة الشمالية ملازم أول أحمد العصيمي أن حماية الحدود أوامر عليا تطبق من الفرق المتسلمة الموقع وطريقة تنفيذها تعتمد على أفراد الدوريات وتوجيهات ضابطهم. مشيراً إلى أن العقوبات تختلف وتتراوح بين السجن والغرامة.