كشف ملتقى الجبيل الدولي الثاني لتخطيط المدن، الذي انطلقت فعالياته أمس في مدينة الجبيل الصناعية أن النمو السكاني والتحول الحضري، يشكل ضغطاً كبيراً على المدن والمراكز العمرانية، ويتطلب مزيدا من المساحات الحضرية والحاجة إلى شبكات ضخمة من البنية التحتية مقرونة بخدمات كافية، تتوزع بتوازن واعتدال، موضحا أن هذا يتطلب الحاجة إلى إيجاد وظائف حضرية، وسوق عمل يستوعب راغبي العمل، مبيناً أهمية إيجاد إدارة حضرية، تدير هذه المدن بكفاء وذكاء ومرونة. وأوضح الحاضرون عدداً من التحديات تواجهها مدن العالم أجمع، وأعلنوا أن معدل التحضر في ازدياد مستمر، حيث بلغ ذروته ووصل إلى أكثر من نصف سكان العالم، موضحين أن المنطقة العربية لم تكن بمعزل عن هذه التغيرات التي شهدها العالم، بل كان لها النصيب الأوفر، حيث يعيش 56% من سكانها البالغ عددهم 357 مليونا، في مراكز حضرية، متوقعاً أن يصلوا عام 2050م إلى حوالى 68%. وافتتح فعاليات الملتقى، الذي جاء تحت شعار «التحديات المستقبلية لتخطيط المدن»، الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية في الجبيل الصناعية الدكتور مصلح العتيبي، نيابة عن رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان بمشاركة أكثر من 300 شخصية من الخبراء والمتخصصين والمهتمين في تخطيط المدن محليا وإقليميا وعالميا، وذلك في مركز المؤتمرات بالفناتير بالجبيل الصناعية، وتختتم الفعاليات اليوم بالإعلان عن التوصيات. وأكد المشرف العام على الملتقى مدير عام الشؤون الفنية في الهيئة الملكية بالجبيل المهندس أحمد البلوي أن الملتقى يأتي في ظل تحديات حقيقية تواجهها مدن العالم أجمع. وأضاف «تشير الدراسات إلى أنه في عام 1940م، لم يمثل سكان المراكز الحضرية أكثر من 15% بعدد مراكز حضرية لا يتجاوز عشرة مراكز، أكبرها حجما مدينة مكةالمكرمة، في حين أنه في عام 1970م بلغت نسبة السكان التجمعات الحضرية 49% بعدد مراكز حضرية 93 مركزا إلى أن وصلت عام 2000م إلى 80% وحسب التعداد الأخير عام 2010، فإن عدد المراكز الحضرية 245 مركزا بنسبة 83 % من السكان». وأشار إلى أن هذه الأرقام تبرز بوضوح التحدي الذي تواجهه المدن اليوم ومستقبلا. وقال: «الملتقى يسعى لطرح نخبة من التجارب والدروس المستفادة، وسيتم التركيز على التحديات وطرق معالجتها من دول مختلفة». وتتضمن فعاليات الملتقى الذي يستمر يومين، 27 ورقة عمل خلال خمسة محاور تلامس قضايا تخطيط المدن وهي التنمية الشاملة وإدارة نمو المدن وتخطيط النقل والمواصلات والاقتصاد الحضري والتنمية والتصميم الحضري، وصولاً إلى مساعدة المخططين وأصحاب القرار على تحقيق تنمية مدنية تواجه الصعاب والتحديات. أعلن المتحدث الرئيس الدكتور سبيرو بولاليز من جامعة هارفارد أن الكثافة السكانية تعد أحد المعوقات التي تقف في وجه تخطيط المدن. وقال إن التخطيط الجيد لابد أن يثمر نجاحا مصحوبا بإدارة ناجحة بطريقة جيدة، موضحا أنه في السعودية لابد أن تكون البنية التحتية جيدة، لتمكن الاستفادة منها عبر الحركة وسهولة التنقلات للسلع، تحقيقا إلى نمو اقتصادي رفيع. وأكد بولاليز أن البنية التحتية لابد أن تشتمل على عدة نظم، وهي الطاقة والمياه والغذاء والمواصلات والمساحات والمعلومات ومتى ما كانت موجودة، فإنها حتما ستحقق استدامة متواصلة. قال رئيس اللجنة العلمية في الملتقى الدكتور عادل العسيري إنه من المتوقع أن يخرج الملتقى بحزمة من التوصيات التي تراعي نمو الكثافة السكانية في السعودية، وعمليات الإنفاق على مشاريع البنية التحتية في كل المناطق. وأضاف «هناك عديد من مشاريع المدن الاقتصادية، التي ستعزز النزوح من القرى للمدن، وإنشاء الجامعات وتوفير الوظائف في المناطق النائية، ولابد من وقف هذا النزوح، وأعتقد أن هذا الأمر سيكون محل اهتمام فعاليات الملتقى». وتابع: «أعتقد أن العنوان الأبرز لهذا الملتقى هو كيفية مواجهة التحديات المستقبلية، فنحن مقبلون على طفرة جديدة في عملية البناء والبنية التحتية، ولدينا مدن اقتصادية كبرى تنشأ الآن وحركة عمرانية لا تتوقف في كل مكان، ولكي نتجنب الأخطاء التي حدثت سابقا، لابد أن نسترجع التجارب السابقة، بالإضافة إلى أفضل الممارسات التي تطبق حاليا في كل دول العالم للمحافظة على المدن من الازدحام والتكدس». وأضاف ل «الشرق»: «سيخرج الملتقى بتوصيات تصب في العناية بمراكز المدن، ونأمل أن تجد الاهتمام المناسب من قبل صناع القرار، متوقعاً أن تتضمن التوصيات إعادة النظر في عملية التوسع والتخطيط، ما لم يكن تخطيطا مستداماً، إلى جانب الربط بين محاور النقل والمواصلات وعمليات التطوير، للتقليل من الطاقة المهدرة». وأضاف أن التوصيات غير ملزمة لأي جهة، خاصة أن الملتقى إرشادي وليس ملزما». أشار المشرف العام على الملتقى المهندس أحمد البلوي إلى أن مشاركة القطاعات الحكومية في الملتقى تدل على التعاون بين الهيئة الملكية وهذه الجهات لتعزيز تبادل الخبرات ونقل تجارب الهيئة الملكية في كافة المشاريع لهذه القطاعات. وأضاف ل «الشرق «: «نسعى من خلال هذا الملتقى إلى جمع الخبراء تحت مظلة الهيئة الملكية، وما حضور ومشاركة هذه القطاعات إلا لسعيهم للاستفادة من التجارب المطروحة في الملتقى، ونحن في الهيئة الملكية، أبوابنا مفتوحة للجميع، ونحظى في الجبيل بزيارة عديد من القطاعات لنا، ليطلعوا على كثير من الأنظمة، مثل أنظمة الصرف وتصريف السيول، وقدرات البنية التحتية». وقال: «من خلال كثير من الزيارات التي تأتينا من هذه الجهات الحكومية، نلقى الثناء على تجربة الجبيل، والهيئة لديها من خلال هذا الملتقى الكثير الذي تقدمه من التوصيات، التي ندرجها ضمن خطط العمل لدينا».