تعيش العاصمة اليمنية صنعاء على وقع دعوات للحرب من مختلف القوى المتصارعة، والتي أوشكت على إشعال فتيل الصراع المسلح بعد استراحة قصيرة لم تستمر عامين من حرب ثورة الربيع العربي التي شهدتها صنعاء، وقُتل فيها مئات اليمنيين عسكريين وثواراً ومدنيين وقبليين يتبعون أسرة آل الأحمر وشيوخ قبيلة حاشد. وإذا كانت الحرب السابقة عام 2011م وقعت بين جناح الثورة وقوات نظام الرئيس السابق علي صالح إلا أن الحرب التي تقرع طبولها في أزقة صنعاء هذه الأيام هي حرب بين مكونات جبهة الثورة ضد صالح، والتي تصدعت بفعل متغيرات متسارعة أنهت التحالف القبلي السياسي العسكري ضد صالح. وقالت مصادر سياسية ل «الشرق» إن جهوداً يبذلها دبلوماسيون غربيون لتهدئة التوتر القائم بين الحوثيين والإخوان المسلمين ممثلين بالجناح القبلي والعسكري بقيادة شيوخ حاشد المطرودين من بلادهم، واللواء علي محسن الأحمر مستشار الرئيس هادي العسكري وقائد الجناح العسكري لحركة الإخوان المسلمين في اليمن. وأضافت المصادر أن الرئيس عبدربه منصور هادي يعاني من ضغوط شديدة من قبل الإخوان المسلمين وشيوخ قبائل يطالبونه بتحرك عسكري ضد الحوثيين في محافظة عمران ومنطقة أرحب على مشارف العاصمة، التي يقترب الحوثيون من السيطرة عليها في معاركهم مع الإخوان المسلمين. وكشفت المصادر عن أن الجهات الأمنية رصدت دخول تعزيزات كبيرة من طرفي الصراع «الحوثيين والإخوان المسلمين» خلال الأيام القليلة الماضية، وأن هذه التعزيزات بالمسلحين والسلاح تتواصل في حين يُعِدّ الجانبان لجولة جديدة من الصراع المسلح قد تكون العاصمة صنعاء هي حلبته القادمة. وتحدثت المصادر عن وجود نحو 6 آلاف سلفي في العاصمة صنعاء لديهم مختلف أنواع الأسلحة، وينتظرون اشتعال المواجهات في العاصمة للثأر من هزيمتهم على أيدي الحوثيين في صعدة، وتهجيرهم من دماج بصعدة بعد مكوثهم نحو 30 عاماً فيها. وحذرت المصادر من مصير مظلم ينتظر صنعاء على أثر التحشيد القبلي والشحن الطائفي ولغة التكفير ودعوات الحرب التي تشتعل في كل أزقة صنعاء ومساجدها وأحيائها المكتظة بالسلاح والمليشيات. ويتهم شيوخ قبيلة حاشد وقيادات إخوان اليمن الرئيس السابق علي صالح بالوقوف وراء تمدد الحوثيين في عمران من خلال تأثيره على شيوخ عمران وتحديدا حاشد، ومنعهم من القتال مع آل الأحمر الذين تعرضوا لهزيمة مؤلمة أنهت نصف قرن من سيطرتهم على قبيلة حاشد وبقائهم كأكبر مركز قوة قبلية في اليمن. وينفي صالح وقيادات حزبه هذه التهمة، وتقول مصادر مقربة منه إن صواريخ أُطلقت من خارج العاصمة وصل أحدها إلى جوار منزل صالح كانت تستهدف الهجوم على صالح في ثاني عملية بعد تفجير مسجد دار الرئاسة في عام 2011م. بدوره نفى القيادي في حزب صالح عبدالقوى الشميري في تصريح ل «الشرق» هذه الاتهامات، وقال إن الحوثيين والإخوان كانوا جبهة واحدة ضد الجيش وضد حزب صالح عام 2011م. وأضاف عضو الأمانة العامة لحزب صالح أن كل ما يحدث داخل البلد يتحمل مسؤوليته الرئيس السابق علي عبدالله صالح، واعتبر ذلك هروباً من المسؤولية وفشلاً في إدارة مخرجات التسوية السياسية التي أقرتها المبادرة الخليجية. وقال الشميري إن حرب الإخوان والحوثيين سببها غياب دور المؤسسة العسكرية الفاعلة التي أسهم الإخوان في تفتيتها وتحويلها إلى وحدات غير فاعلة. وأضاف أن صالح وحزبه وقّعا على المبادرة الخليجية، وتنازل صالح عن السلطة طواعية لتجنيب اليمن ويلات الاحتراب الداخلي إلا أن الثوار الذين حاربوا صالح بالأمس وخرجوا عن الشرعية الدستورية هاهم اليوم يتقاتلون مع بعضهم من أجل مشاريع غير وطنية. وقال الشميري إن حزبه المؤتمر الشعبي العام ليس لديه مليشيات تقاتل مع أحد أو تقاتل ضد أحد، بل هو حزب سياسي يحترف العمل السياسي بروح وطنية عالية ومسؤولية تقدم مصلحة اليمن كدولة والمواطنين كشعب. وكان الجناح العسكري لحركة الإخوان المسلمين «الهيئة العليا لقيادة أنصار الثورة» وبالتزامن مع تظاهرة حاشدة لأنصار الإخوان في العاصمة صنعاء دعا الرئيس هادي وكافة مؤسسات الدولة للقيام بواجباتها الدستورية والقانونية في حماية الشعب ومكتسباته، والضرب بيد من حديد لكل من يحاول العبث بأمن واستقرار الوطن والمواطن، والسعي الحثيث لاستكمال تحقيق بقية أهداف ثورة الشعب الشبابية السلمية في كل أرجاء الوطن. وأتت هذه الدعوة في بيان تصعيدي طالب الرئيس بمواجهة الحوثيين بالقوة العسكرية بعد تمددهم الكبير في أراضي عمران ومناطق تقع على مشارف العاصمة صنعاء. وقالت الهيئة التي تضم عدداً من كبار ضباط وقادة الجيش اليمني الموالين لحركة الإخوان المسلمين في بيان لها إن هناك بعض القوى المتحالفة والواهمة بعودة الماضي البغيض القريب والبعيد تحاول اليوم التنصل والالتفاف على مخرجات الحوار من خلال ممارستها للعنف وإرهاب المجتمع الذي بممارستها هذه أصبحت مكشوفة اليوم للرأي العام اليمني والخارجي أكثر من أي وقت مضى، في إشارة إلى رغبة الحوثيين بإعادة الحكم الإمامي إلى البلاد. ودعت الهيئة القوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني وكافة جماهير الشعب اليمني إلى الاصطفاف خلف القيادة السياسية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني؛ لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني على أرض الواقع ورفض كل أشكال العنف والتخريب والإرهاب، ومحاسبة كل من يسعى لعرقلة طموحات الشعب في حياة كريمة يسود فيها النظام والقانون والعدل والحرية في ظل دولة مدنية حديثة تقوم على مبادئ الحكم الرشيد. وتقضي مخرجات الحوار الوطني بتجريد كل المليشيات من أسلحتها والاحتكام إلى الدولة والقانون والمؤسسات المعنية.