لم يَبْقَ للكبار شيء يدعو للفرح سوى القليل! يتذكّرون الماضي وما أسموه الزّمنَ الجميل، يتذكّرُونَه بنشوةٍ عارِمَةٍ مُستعرِضين بتفنُّنٍ أدقّ تفاصيل الحياة الماضية، وفي هذا يبرعون فقط مُتَنَاسِين الحاضر، وليس للمستقبل من الحظّ سوى القلق! من بين أحاديث ماضِينا الحُلوة، نَذْكُر العم “...”! أوووه.. لا أذكر أن له اسما غير “أبو الحلويات”! كنّا إذا رأيناه شعّ النور من وجوهنا طَرَباً وطَمَعا في كُنُوزِه، وكأنّنا شابّ مقبلٌ على الزَواج نُودِي ليُهدى بيتاً دون مقابل؛ حَلْواهُ كانت لنا وقودا طوال الوقت، حتى لو عدمناها حِيناً، فذِكرُنا لها وقتَ الفراغِ له طعمٌ أيضا وكأنّها في متناول أيدينا. كَبِرنا.. أنْسَتْنا الحياة المادّية قليلا من الأحداث الحلوة أو تناسيناها، وافترضنا – بحكم أعمارنا – وأنانيّتنا، انقراض الأطفال الذين كُنّا مكانَهُم، بينما لايزال أولئك الأطفال ينتظرون من يُودِعُ الأملَ والبهجةَ في نُفُوسِهم، ويَرسُم البسمات على محيّاهم، ليتذكروا زمنهم الجميل يوما ما. لتعرف سرّ أنانيّتنا؛ احمل قطعة من الحلوى دائما في جيبك، ناولها ابن أختك، أو أخاك الصّغير، انظر إلى تعبيرات وجهه، ستجده في المرات القادمة سائلا ولو بصمت تكْسِرُه عيونه الملأى بالكلام، سائلا عن حلوى أخرى جديدة! سيراودك شعور باستحقار التجربة واستصغار الهدية، وأنّ الأطفال مَلُّوا، فهم يريدون “آي باد”حاليا، لا تلتفت لذاك الشعور، فهو وهْمٌ ومن منظورك فقط لا من منظور الطفل! تقديمُك للحلوى البسيطة سيُعِيد لك الزّمن الجميل أيها الأنانيّ، ستُسعِدُ الطَفل وتَسْعَد أنتَ بهذا. ليكن كل منا “أبو الحلويات”! عذرا، العنوان والمقال برمّته من المفترض أن يوجّه لمجلة الأطفال! – هذه المرّة فقط – تواضعوا يا كِبار...!